NaZmiUS ORIGINALITY MOVEMENT NEW WEBSITE

























 

1.              هل كشفت هآرتس عن عملائها في الأردن ? بقلم:تيسير نظمي

2.              ناجي العلي...خارج النسق.. داخل الالتزام بقلم:تيسير نظمي

       محنة الغراب بقلم:تيسير نظمي

3.              صيف ساخن وطويل من المواجهة مع إيران ترجمة: تيسير نظمي

4.              ابن الحداد يعيد طهران إلى إيران الثورة بقلم: تيسير نظمي

5.             شاعر القصة القصيرة المبدع تيسير نظمي في لقاء معه حول الكتاب الخامس

1.              النهر تائهاً عن مجراه بقلم:تيسير نظمي

2.              شعرها طويل حتى الفجر بقلم: تيسير نظمي

3.              شعرها طويل حتى بابل بقلم: تيسير نظمي

4.              النمور في اليوم الـ23 تشرب ماء العدس بقلم:تيسير نظمي

5.             أصابع منتصف الليل بقلم:تيسير نظمي

6.              سيدة الكون بقلم:تيسير نظمي

7.             مناقيش بعيدة بقلم: تيسير نظمي

1.         حمارنا لا يرغب حمارتكم بقلم:تيسير نظمي

2.              ظاهرة الأدب الفلسطيني الفصائلي المسلح وسلبياتها ..تيسير نظمي

3.              تيسير نظمي كان يتمنى لو أنه إدغار ألن بو أو فرانز كافكا بقلم:عبد الستار ناصر

4.              تيسير نظمي:قصصي أطول عمراً من عمر الحكومات العربية

5.              مجرد تأخير بقلم:تيسير نظمي

6.              مهرجان أيام عمان المسرحية الحادي عشر: 12 يوماً و12 عرضاَ و9 أفلام

7.             أمير التورية و غواص الأعماق ..تيسير نظمي بقلم:نزار ب. الزين

1.             أمير التورية و غواص الأعماق ..تيسير نظمي بقلم:نزار ب. الزين

2.              ثلاث قصائد عن الوقت والمرأة والطريق ..تيسير نظمي

3.              نورما خوري رمت حجراً في مياه راكدة بقلم:تيسير نظمي

4.              شهادة بالصوت المسموع بقلم:تيسير نظمي

5.              فكرة و سكّيران و باب بقلم: تيسير نظمي

6.             حرب وبحر و بلور بقلم: تيسير نظمي

1.              بيت الذبابة بقلم : تيسير نظمي

2.              ما رأته الفراشة بقلم:تيسير نظمي

3.              الجنرال بقلم: تيسير نظمي

4.              بلدي تسكن آخر النمور بقلم: تيسير نظمي

5.              وزراء شيوعيون سابقون في حفلة خمسة نجوم بقلم:تيسير نظمي

6.              أبطال غير بشريين في قصص دنيا الوطن بقلم : زكي العيلة

1.              شقير وشكيرة والواقعية التلفزيونية بعد فرانكفورت بقلم: تيسير نظمي

2.              بعد عزلة 22 عاماً تيسير نظمي يفاجئنا بوليمة وحرير وعش عصافير

3.              كاتب المهمة الصعبة يجعلها ولا أسهل بقلم: تيسير نظمي

4.              خطوط التلاقي والافتراق في قراءة نقدية لمحمود درويش بقلم: تيسير نظمي

5.              بن جلون يكتب عن سيرك العرب في فرانكفورت ! بقلم : تيسير نظمي

6.             براءة (أفق 6) من (تجمع الفشل)بقلم : تيسير نظمي

 

ناصر السعيد: اختطاف مناضل

 

رشاد أبوشاور

 

عرفت المناضل ناصر السعيد، الذي تمّر على اختطافه هذه الأيّام ثلاثون سنة، نهاية الخمسينات، عندما كان والدي لاجئا سياسيّا في سوريّة، والذي ارتبط بصداقة وطيدة وحميمة بهذا المناضل النشيط والمتميّز، والذي كان لا يكّل ولا يهدأ، وهو يتنقّل من مكان إلى مكان في دمشق، محاضرا، ومحرّضا على نظام القمع في الجزيرة العربيّة.

 

كان يتلو الشعر النبطي في السهرات الخاصة في بيتنا بقرية (جوبر)، ويتحسّر على ما آلت إليه بلاد الرسول.

 

مرّات كثيرة أحضر لنا كتبا ونشرات عن الأوضاع في تلك البلاد التي كنّا نجهل الكثير عن معاناة أهلها، وما لحق بمناضليها، ومنهم القائد الشمرّي.

 

كان يقيم آنذاك في (السبع بحرات) على مقربة من شارع بغداد، وياما اصطحبني والدي والعّم أبوطلب صديق والدي الحميم ورفيقه في الغربة لزيارة الأستاذ ناصر.

 

بعد عام 71، وعندما عدت لأستقّر في دمشق، التقيت بالأستاذ ناصر، وتوطدت بيننا صداقة، كان يبدي سعادة بها، فأنا ابن صديقه، وها قد كبرت وصرت كاتبا وصحفيّا.

 

التقيت به مرّات كثيرة، وكان دائب الحركة والنشاط، هاجسه تعريف الرأي العام العربي بما يلاقيه أبناء الجزيرة، وبخطورة النظام هناك سياسيا على كل الأمة.

 

كان في الخمسينات يقدم برنامجا من إذاعة صوت العرب، يفضح دور ذلك النظام، وبخّاصة أثناء حرب اليمن التي دارت بين قوّات الجمهوريين والجيش المصري الذي أرسله جمال عبد الناصر لحماية ثورة عبد الله السلاّل، والقوّات الملكيّة _ قوّات الإمام البدر_ المدعومة سعوديا والتي استقدم لدعمها مئات المرتزقة بما فيهم ضبّاط( إسرائيليون).

 

لست بصدد كتابة سيرة الرجل، المناضل الكبير، ولكنني أوّد أن ألقي ببعض الضوء على قضيّة اختطافه.

 

عندما عُقد مؤتمر الاتحاد العام للكتاب العرب بدمشق عام 79، ترأست شخصيا وفد الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، الذي عقدت جلساته في مسرح العُمال المقابل لفندق المريديان.

 

تناهت إلى مسامعنا أنباء حدث كبير في السعوديّة، تحديدا في مكّة، ولكننا لم نستطع معرفة الكثير.

 

في إحدى الجلسات اقتحم القاعة الأستاذ ناصر السعيد، فكّ لثام كوفيته الحمراء، وبدأ يخطب في القاعة، مناشدا الكتّاب العرب الانحياز لانتفاضة الكعبة التي هي ثورة على حكم آل سعود.

 

عندما حاول أحد الجالسين على المنصة مقاطعته وإسكاته، وقفت وحييته، وبصوت عال بدأت بالتعريف به، وبنضاله، وطلبت منه الصعود إلى المنصّة وتعريفنا بما يحدث هناك في الكعبة.

 

أذكر أنني انتحيت به جانبا، وكان معي الصديق حنّا مقبل الذي أبدى الاستعداد لتقديم كل ما هو مطلوب إعلاميا.

 

أخبرني بأنه سيتوجه إلى بيروت، فعرضت عليه أن يسافر معنا، وضمانا لأمنه أن أستضيفه في بيتي، وأن أؤمن له الحراسة والحماية طيلة فترة إقامته، وأن نؤمن له أنا وحنّا اللقاءات الصحفيّة التي يريد.

 

أخبرني أنه سيلتقينا في بيروت، وأنه أمّنه الشخصي في بيروت مؤمّن من جهة موثوقة.

 

في بيروت زارنا في مقّر اتحادنا قرب (دوّار الكولا)، واتفقنا معه على لقاء مع الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، والعرب المتواجدين في بيروت والذين لهم صلة بنا.

 

في اليوم التالي انتظرنا بحسب الموعد، وطال الانتظار، ولكن الأستاذ ناصر لم يحضر، وما كان من عادته أن يعد ويخلف فهو دقيق في مواعيده.

 

فيما بعد عرفنا أنه اختطف بعد خروجه من صحيفة (السفير)...

 

من اختطفه؟!

 

في العام 81 صدر في بيروت كتابي ( ثورة في عصر القرود)، وبالإهداء التالي:

 

إلى جهيمان العتيبي  قائد ثورة الكعبة.

 

         إلى ناصر السعيد

 

         ابن الجزيرة العربيّة المناضل، الذي فضح أسرة آل سعود، مخازيهم وآثامهم، والذي اختطف من بيروت الغربيّة، بيروت الوطنيّة، بواسطة خونة يعيشون بيننا، ونقل من مطار بيروت إلى آبار الموت الأسود في بلاد بحار النفط. إليهما. إلى رجلين جسورين فضحا الرياء، ووهبا حياتهما العظيمة لكرامة الإنسان

 

وفي العام 1984 صدرت الطبعة الثانية بمقدمة عنوانها مثبت على الغلاف: إني أتهم

 

والاتهام موجه في قضيتي اختطاف ناصر السعيد، و اغتيال ماجد أبوشرار الذي كنت وإياه معا في روما عندما اغتيل.

 

لقد أشرت في قضية اغتيال المناضل ناصر السعيد إلى أسماء المتهمين بالاختطاف، والجهاز الأمني ( الفتحاوي) الذي كانوا يقودونه ، والذي روّع الفلسطينيين وعاث فسادا.

 

لقد شكّلنا لجنة متابعة لقضية المناضل الكبير، وأصدرنا ملصقا عممناه في أكثر من مكان، واتصلنا بالسيّدة زوجته...

 

لقد تجمّعت لدي بعض المعلومات حول عملية الاختطاف، أثبت بعضها.

 

بعد اختطاف المناضل الكبير نقل مخدرا إلى مطار بيروت حيث كانت طائرة خاصة بالانتظار، وقد ترافق في رحلة الاختطاف السفير السعودي و.. أحد أعضاء اللجنة المركزيّة لحركة فتح!

 

في ختام مقالة الدكتورة مضاوى الرشيد تكتب: ستبقى قضيّة ناصر السعيد قضيّة حيّة. لن تحل ألغازها إلاّ محاكمة مفتوحة موثقة بدلائل صارخة تعيد لأبي جهاد _ ناصر السعيد_ مكانته التي يستحقها في سيرة نضال شعب الجزيرة العربيّة.( القدس العربي عدد الإثنين 14 كانون أوّل 2009)

 

وأضيف: أبناء الجزيرة العربيّة هم المعنيون أولاً بهذه المحكمة التي ستفضح كل أطراف الجريمة، وتوقع بهم القصاص الذي يستحقون، وتعلّم غيرهم من المجرمين أن العقاب آت مهما امتّد الزمن، وأن مضي السنين لا يطوي وقائع الجرائم السياسيّة التي نفذها أعداء الأمّة.

 

الكلمة الشجاعة ستبقى مؤثّرة، فهي تبقي القضايا حيّة، وهي  تلاحق القتلة والمجرمين وتؤرقهم.

 

ختاما سأروي هذه الواقعة التي لها دلالة كما أرى.

 

ذات يوم  كنت في (مكتبة دمشق) أتبادل الحديث مع صاحبهاالأستاذ أديب التنبكجي، فإذا برجل يدخل ويأخذ في تأملنا دون أن ينبس بكلمة. ملامحه بدويّة، يرتدي ثوبا أزرق مخطط، وكوفيّة شماغ، وجهه حّاد الملامح، وعينان ذكيتان.

 

سأل: هل أجد عندكم كتاب( ثورة في عصر القرود) ؟ تأمله التنبكجي بدهشة، وأومأ برأسه، و..أحضر له نسخة _ كنت وضعت عنده كمية من النسخ لأنني طبعت الكتاب على نفقتي_ فأخذ الرجل يتأمل الكتاب، ثمّ انهمك في قراءة الكلمة على الغلاف.

 

توجه إلى  التنبكجي : أبغي نسخة ثانية ...

 

هنا سأله التنبكجي: أتعرف المؤلف؟

 

أجابه : لا

 

أشار إلي: هذا هو...

 

مدّ الرجل يده وصافحني، وهزّ يدي دون أن يقول أي كلمة، ثمّ دفع ثمن النسختين وغادر بسرعة.

 

في ذلك اليوم ازددت إيمانا بخطورة دور الكلمة، وبأن الكلمة الصادقة لا تموت، وقد تسهم في إنقاذ حياة يُراد لها أن تنتهي...

 

ناصر السعيد، في الذكرى الثلاثين لاختطافه يعود حيّا، ما دمنا نكتب عنه، وننبش خفايا اختطافه، وبكلماتنا الشجاعة نطارد المجرمين القتلة ، ونؤرّقهم..

 

** فلسطين ال 48 بوابتك الى الوطن ****

 

مع تحيات

 

ناشر ومحرر شبكة فلسطين ال 48 الاعلامية

 

مجموعة اعلامية مستقلة منحازة للشعب والوطن ولهموم الانسان العربي في كل مكان.

 

تصدر في الداخل الفلسطيني عام 48 وتضم آلاف العناوين البريدية لكتاب ومثقفين وقراء من جميع انحاء العالم.

 

تسعى لان تكون سباقة في طرح الرأي الحر والفكر النير والابداع الفذ.

 

ملاحظة:المقالات المرسلة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة ان تعبر عن رأي المجموعة

 

لارسال كتاباتكم على البريد إلكتروني

 

palastain-48@googlegroups.com

 

سيتم النشر خلال 24 ساعة من استلام المادة

nazmi.us

nazmi.org

nazmis.com

هل العنصرية فى ألمانيا فقط؟

 

بقلم د. محمد أبو الغار

 

أثار الحادث الرهيب الذى قتلت فيه السيدة مروة الشربينى فى ألمانيا على يد متطرف ألمانى من أصل روسى ردود أفعال كبيرة وكثيرة وهو حادث جلل بالطبع اهتزت له قلوب وأفئدة المصريين، وعم الحزن والغضب مصر كلها وزاد من ذلك التأخر الغريب وغير المفهوم من الحكومة الألمانية التى لم تتحرك أو تبدى حتى أسفاً أو حتى جزعاً إلا بعد مرور عدة أيام على الحادث وبعد أن عم الغضب الشعبى مصر، لن أتحدث عن تفاصيل الحادث الرهيب داخل المحكمة ولكننى سوف أركز على خلفيات الحادث وتفسير لما حدث.
تحدثت الصحف ووسائل الإعلام المصرية على حجاب المرحومة مروة وأبرزت بطرق مباشرة وغير مباشرة أنه كان السبب وراء التصرف الأحمق والجريمة التى قام بها القاتل. وأنا أعتقد أن الحجاب لم يكن المشكلة الرئيسية فهناك الآلاف من السيدات المحجبات فى ألمانيا
و بالتأكيد رأى القاتل وقابل كثيرات منهن فى الشوارع ولم يشرع فى قتلهن. فى تقديرى إن الجريمة عنصرية بالدرجة الأولى وليس لها علاقة بالحجاب الذى هو مظهر إسلامي، السبب الحقيقى وراء القتل أن السيدة مروة دافعت عن حقها فى المعاملة بالمثل كما هو منصوص عليه فى القانون الألمانى وأصرت أن يلعب طفلها بالمراجيح فى الحديقة فترة مساوية للطفل الألمانى وهو ما اعتبره القاتل بفكره العنصرى أنه مستحيل أن يتساوى الألمانى صاحب الجنس الآرى بسيدة مصرية من إفريقيا فقام بالتعدى عليها باللفظ، ولكن السيدة المحترمة التى تحافظ على كرامتها لم تسكت وأبلغت البوليس عن تصرفه وتحول الأمر إلى محاكمة وغرامة مالية وهو ما لم يتحمله الفكر العنصري، فذهب للمحكمة جاهزاً بالسكّين القاتل. 
دعنا نسأل أنفسنا هل هذا القاتل يمثل التيار العام فى أوروبا بفكره العنصرى الشديد التعصب. صحيح أنه توجد جماعات من الشباب اليمينى المتعصب فى أوروبا كلها والذى يقوم بأعمال عنف ضد الأجانب ولكن عددها قليل جداً بالنسبة لمجموع السكان، لكن ما هو موقف الأغلبية العظمى من الأوروبيين؟ للأسف الشديد هناك تيار كبير يزداد كل يوم شديد العنصرية ولكن تتم تغطيته بذكاء ومهارة، وقد ساعد على تفاقم العنصرية انتشار البطالة وسوء الأحوال الاقتصادية. وبالطبع لا تسفر الأغلبية العظمى من الأوروبيين عن هذه العنصرية ولكنك تستطيع أن تراها تحت السطح مبطنة بورق من السوليفان. وقد خطت أمريكا خطوات إيجابية كثيرة فى منع العنصرية وتحقيق المساواة بالعديد من القوانين حتى وصل الأمر إلى انتخاب رئيس من أصول إفريقية.  
و لكن أوروبا التى لم يكن بها أى قوانين تسمح بالعنصرية ظهرت بها شواهد وإرهاصات عنصرية لم تتبلور إلى شيء خطير بسبب قوانين بلادهم وإحقاقاً للحق هناك أيضاً جماعات وهيئات وأفراد يكونون حاجزاً كبيراً ضد أى تصرفات عنصرية، ويدافعون بشدة عن المساواه فى الجنس واللون والعرق.
و لنلق نظرة على مصر، هل هناك عنصرية فيها؟ وبما أننا نتحدث عن العنصرية فى الغرب فدعنا نفكر معاً هل الإنسان المصرى عنده عنصرية؟!
الحقيقة أن المصريين جميعاً يجب أن يراجعوا أنفسهم فى كثير من مواقفهم فبالتأكيد هناك نوع من العنصرية حتى لو كانت مبطنة ضد الإنسان الأسود، وذلك بالرغم من أن أهلنا فى الصعيد لونهم شديد الغمقة، وأعتقد أن عنصرية مصر هى أساساً عنصرية الحكام وممثليهم من رجال الشرطة وموظفين حكوميين. مثلاً معاملة أبناء النوبة وهى جزء لا يتجزأ من الوطن وتاريخه، هى معاملة غير عادلة، فتم الاستيلاء على أراضيهم ولم يتم تعويضهم بمقابل مناسب، وأتساءل هل يحصلون على حظهم فى الوظائف المؤثرة مثلهم مثل أهل الوادي؟ لا أعتقد ذلك.
هل الدولة المصرية تعامل المصريين جميعاً معاملة واحدة؟ هل الغنى يعامل مثل الفقير فى مكتب حكومى أو قسم بوليس؟ هل أستاذ الجامعة الحاصل على الدكتوراه يعامل مثل العامل البسيط الحاصل على الدبلوم؟ وكلاهما مواطن مصرى له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات. هل معاملة الأقباط والمسلمين بصفة عامة من الدولة ومن الشعب متساوية أم هناك عنصرية موجودة على الأقل تحت السطح؟ إن كتابة الوظيفة والدين فى البطاقة الشخصية دليل واضح على نوايا عنصرية بتقسيم الناس قبل التعامل معهم. العنصرية فى أوروبا موجودة وملفوفة فى ورق سوليفان وقبل أن ننتقدها بشدة يجب أن نفكر فى أنفسنا وكيف نتخلى نحن عن العنصرية وكيف نضغط على الدولة الظالمة بأن تتخلى عن عنصريتها. حدث ذات مرة فى إحدى الدول الأوروبية أن اشتكى لى مصرى من سوء معاملة الشرطة له وحيث اعتبر أنها غير مماثلة لمعاملة أهل البلد وبالرغم من أن الشرطة لم تعتد عليه بالقول أو أى اعتداء جسمانى إلا أنه أثار الموضوع بشكاوى متعددة وتعليقاً على شكواه كتب صحفى من أهل البلد الأوروبية بعنصرية واضحة قائلاً لماذا يشكو هذا المصرى من الشرطة فى بلدنا فلو كانت شرطة مصر هى التى بيدها الموضوع لضرب الشاب المصرى وأهين وحبس. شعر جميع المصريين بإهانة بالغة من هذه المقالة التى ذكرتهم بأن بلدهم هى عنوان الظلم وعدم المساواة والعنصرية، ولم يستطيعوا الرد بكلمة واحدة.

 

من جريدة "العربي "الناصرية

 

تأملات الرفيق فيدل

 

إنها ساعة الحساب والمسيرة الموحّدة

 

فيدل كاسترو

 

هذا التأمل ليس موجهاً إلى الحكومات وإنما إلى شعوب أمريكا اللاتينية الشقيقة.

 

يبدأ يوم غد، الثامن والعشرين من آب/أغسطس، في الأرجنتين اجتماع "اتحاد أمم الجنوب" الذي لا يمكن التنكر لأهميته. يجب أن تناقَش في هذا الاجتماع قضية منح سبع قواعد عسكرية في الأراضي الكولومبية للقوة العظمى الأمريكية. المحادثات المسبقة بين الحكومتين جرت بسرّية بالغة الشدة. كان يتعيّن الكشف عن الاتفاقية للعالم بعدما تصبح أمراً واقعاً.

 

في ساعات فجر الأول من آذار/مارس 2008 كانت القوات المسلحة الكولومبية، المدرّبة والمسلّحة من قبل الولايات المتحدة، قد هاجمت بقنابل بالغة الدقة مجموعة من الثوّار تسللت إلى منطقة معزولة من الأراضي الإكوادورية. وعند بزوغ الشمس، قام رجال تابعون لقوات النخبة الكولومبية منقولون بطائرات هيلوكبتر باحتلال المعسكر الصغير، فأجهزوا على الجرحى واستولوا على جثة قائد المتمرّدين راؤول ريجيس، الذي كان في تلك الأيام، على ما يبدوا، قد أجرى لقاء مع شبان زائرين من جنسيات أخرى مهتمّين بالتعرف على تجربة الثوار الذين يخوضون الكفاح المسلح، منذ مقتل الزعيم الليبرالي خورخي إيليسير غايتا، قبل أكثر من خمسين سنة من اليوم. كان الأسلوب همجياً، على الطريقة اليانكية. لم تكن حكومة الإكوادور قد تلقت أي تنبيه أو تحذير قبل شن الهجوم.

 

شكّل ذلك الحادث عملاً مذلاً للبلد الأمريكي الجنوبي الصغير والبطل، المنهمك في عملية سياسية ديمقراطية. كانت هناك شكوك قويّة بأن تكون قاعدة مانتا الجويّة الأمريكية قد قدّمت معلومات للمهاجمين وتعاونت معهم. الرئيس رافائيل كورّيا اتخذ قراره الشجاع بطلب إعادة الأراضي التي تشغلها قاعدة مانتا العسكري، وذلك في تنفيذ دقيق للأسس التي تنص عليها المعاهدة العسكرية مع الولايات المتحدة وسحَب سفير بلاده من بوغوتا.

 

إن تسليم أراضٍ لإقامة سبع قواعد عسكرية للولايات المتحدة عليها في كولومبيا يشكل تهديداً مباشِراً لسيادة ووحدة باقي شعوب الجنوب وأمريكا الوسطى التي حلم أبطال استقلالنا بأن يقيموا معها الوطن الأمريكي اللاتيني الكبير.

 

الإمبريالية اليانكية هي أقوة بمائة مرّة من الإمبراطوريتين الاستعماريتين الإسبانية والبرتغالية، وهي غريبة كليّا عن أصل وعادات وثقافة شعوبنا ولا تمتّ لها بأية صلة.

 

القصة ليست قصة شوفينية ضيقة. "الوطن هو بشرية"، كما أعلن مارتيه، ولكن لا يمكنها أن تكون كذلك أبداً تحت هيمنة إمبراطورية فرضت دكتاتورية دمويّة على العالم. في هذا النصف نفسه من العالم، يثبت مئات الآلاف من أبناء الوطن الأمريكي اللاتيني الذي قُتلوا أو عُذّبوا أو خُطفوا في غواتيمالا والسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا وبنما وتشيلي والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي وغيرها من بلدان قارتنا الأمريكية خلال العقود الخمسة الأخيرة من الانقلابات والأعمال التي روّجت لها ودعمتها الولايات المتحدة صحّة ما أؤكده لا نحو لا يُدحض.

 

حين أنظر في الذرائع التي تحاول الولايات المتحدة أن تبرر بها منح أراضٍ لإقامة قواعد عسكرية في الأراضي الكولومبية، لا يمكنني إلا أن أصنّف مثل هذه الحجج بأنها دنيئة. فهي تؤكد أنها بحاجة لتلك القواعد من أجل التعاون في مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب وتهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية وحيازة أسلحة الدمار الشامل والتجاوزات القومية والكوارث الطبيعية.

 

هذا البلد الجبّار هو أكبر مشترٍ ومستهلكٍ للمخدرات على وجه الأرض. ويكشف تحليل للأوراق النقدية التي يتم تداولها في واشنطن، عاصمة الولايات المتحدة، بأن 95 منها قد مرّت بأيدي أشخاص يستهلكون المخدّرات؛ إنها السوق الأكبر وفي ذلك الوقت المموّن الأكبر بأسلحة الجريمة المنظَّمة في أمريكا اللاتينية، وبهذه الأسلحة يقضي اليوم عشرات الآلاف من الأشخاص سنوياً إلى الجنوب من حدودها؛ إنها أكبر دولة إرهابية عرفها الوجود أبداً. فهي لم تلقٍ القنابل على مناطق مدنية في هيروشيما وناغاساكي وفي حروبها الإمبراطورية، كالتي خاضتها في فيتنام والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان الواقعة على مسافة آلاف الكيلومترات والتي قُتل فيها ملايين الأشخاص؛ وإنما هي أكبر منتج ومالك لأسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية.

 

المجموعات العسكرية الكولومبية الموازية، التي تتكون في غالبيتها من المسرّحين من القوات المسلّحة وتشكل في جزء منها احتياطاً لهذه القوات، هي أفضل حليف لمهرّبي المخدرات وحاميتهم.

 

ما يسمّى "الطاقم المدني" الذي يرافق الجنود في قواعد كولومبيا يتكوّن، كعرف عام، من عسكريين أمريكيين سابقين جيّدي التدريب يتم التعاقد معهم لاحقاً من قبل شركات خاصة مثل "بلاكووتر"، التي اشتهرت بالجرائم المرتكبة في العراق وفي أماكن أخرى من العالم.

 

إن البلد الذي يحترم نفسه لا يحتاج إلى مرتزقة ولا لجنود ولا لقواعد عسكرية أمريكية من أجل مكافحة تهريب المخدرات ولا لحماية مواطنيه في حال وقوع كوارث طبيعية أو لتقديم التعاون الإنساني لشعوب أخرى.

 

إن كوبا هي بلد لا يعاني مشكلات مخدرات ولا مؤشرات مرتفعة لعدد القتلى بسبب العنف، وهذا العدد يتدنّى سنوياً.

 

الغاية الوحيدة التي تتوخاها الولايات المتحدة عبر هذه القواعد هي جعل أمريكا اللاتينية في متناول أيدي قواتها خلال ساعات. القيادة العسكرية العليا في البرازيل تلقت بامتعاض حقيقي النبأ المفاجئ عن الاتفاقية المتعلقة بإقامة قواعد عسكرية للولايات المتحدة في كولومبيا. قاعدة "بالانكيرو" تقع على مسافة قريبة جداً من الحدود مع البرازيل. وعبر هذه القواعد، وإلى جانبها القواعد القائمة في جزر المالوين وباراغواي وبيرو وهندوراس وأروبا وكورازو وغيرها، لن تبق هناك نقطة واحدة من أراضي البرازيل وباقي أمريكا الجنوبية بعيدة عن متناول قيادة الجنوب، حيث سيكون بإمكانها خلال ساعات معدودة، ومن خلال استخدام طائراتها الحديثة المخصصة للنقل، أن توصل قواتها وغيرها من والوسائل القتالية المتقدّمة. أفضل الأخصائيين في هذا المجال قدموا المعلومات الضرورية حول هذا الأمر، ليثبتوا البُعد العسكري للاتفاقية اليانكية-الكولومبية. هذا البرنامج، والذي اشتمل على إعادة الأسطول الرابع للخدمة، صمّمه بوش وورثه حكومة الولايات المتحدة الحالية، التي يطالبها بعض القادة الأمريكيين الجنوبيين بالتوضيح اللازم لسياستها العسكرية في أمريكا اللاتينية. لا حاجة لحاملات الطائرات النووية من أجل مكافحة المخدرات.

 

الهدف المباشر الأوّل لهذه الخطة هو القضاء على العملية الثورية البوليفارية وضمان السيطرة على النفط وعلى غيره من الموارد الطبيعية الفنزويلية. من ناحية أخرى، لا ترضى الإمبراطورية بمنافستها من قبل الاقتصاديات الجديدة الصاعدة في حديقتها الخلفية ولا ببلدان مستقلّة بالفعل في أمريكا اللاتينية. إنها تتمتع بالأوليغارشية الرجعية وباليمين الفاشي وبالسيطرة على وسائل الإعلام الرئيسية الداخلية والخارجية. ولا يمكن أن يحظى بدعمها أي شيء يشبه المساواة والعدالة الاجتماعية بشيء.

 

الهجرة الأمريكية اللاتينية إلى الولايات المتحدة هي محصّلة التخلّف، وهذا هو محصّلة السلب والنهب اللذين خضعنا لهما على يد هذا البلد، والتبادل التجاري اللامتكافئ مع البلدان الصناعية.

 

لقد تم عزل المكسيك عن أمريكا اللاتينية بموجب اتفاقية التجارة الحرة مع كل من الولايات المتحدة وكندا. معظم المهاجرين غير الشرعيين الاثني عشر مليوناً في الولايات المتحدة هم مكسيكيين وكذلك هو حال غالبية مئات الأشخاص الذين يموتون سنوياً على الجدار الحدودي الفاصل بين البلدين.

 

في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، ارتفع مؤشر الفقر الشديد في المكسيك، البالغ عدد سكانها 107 ملايين نسَمة، إلى ما نسبته 18 بالمائة من عدد السكان، بينما يجتاح الفقر العام أكثر من نصف سكانها.

 

لم يبعث شيء قلقاً في حياة مارتيه، بطل استقلالنا، كالقلق الذي بعثته فكرة الالتحاق بالولايات المتحدة. ومنذ عام 1889 أخذ بالإدراك بأن هذا هو أكبر خطر كان يحدّق بأمريكا اللاتينية. حلم دائماً "بالوطن الكبير"، الممتد من نهر برافو حتى باتاغونية؛ ومن أجل هذا الوطن ومن أجل كوبا وهب حياته.

 

في العاشر من كانون الثاني/يناير 1891 نشَر بحثاً في مجلة "La revista ilustrada" الصادرة في نيويورك حمل عنوان "أمريكانا"، ذكر فيه عبارات خالدة: "على الأشجار أن تصطف في طابور لكي تمنع عبور عملاق الفراسخ السبعة! إنها ساعة الحساب، والمسيرة الموحدة، وعلينا أن نسير في صف متراصّ، كالفضّة في جذور جبال الأنديز".

 

بعد ذلك بأربع سنوات، على أثر إنزاله البحري عند منطقة بلاجيتاس في المحافظة الشرقية من كوبا، وبعدما شرع بمسيرته في المناطق الريفية المتمرّدة، عقد لقاءً مع الصحافي من جريدة "هيرالد"، جورج إ. برايسون، في الثاني من أيار/مايو 1895. روى له هذا بأنه كان قد أجرى مقابلة في هافانا مع الجنرال الشهير أرسينيو مارتينز كامبو. وقال له القائد العسكري الإسباني بأنه قبل أن يمنح الاستقلال لكوبا يفضّل أن يسلّمها للولايات المتحدة.

 

بلغ أثر الخبر في نفس مارتيه درجة أنه كتب في الثامن عشر من أيار/مايو رسالته الشهيرة الأخيرة لصديقه المكسيكي مانويل ميركادو التي تحدث فيها عن "...الطريق الذي لا بدّ من سدّه، ونقوم بسدّه عبر دمائنا، وهو طريق إلحاق شعوب أمريكانا بالشمال الهائج والهمجي الذي يحتقرها...".

 

في اليوم التالي، وفي تجاهلٍ منه لنصيحة الجنرال مكسيمو غوميز، الذي أوعز له بالمكوث في مؤخرة الجيش، طلب من مساعده مسدّساً وهاجم قوة إسبانية أحسنت التخندق وقضى في ساحة المعركة.

 

في رسالته الأخيرة، أطلق حُكمه: "عشت في داخل الوحش، وأعرف أحشاءه".

 

فيدل كاسترو روز

 

27 آب/أغسطس 2009

 

الساعة: 12:40 ظهراً

Guest Book دفتر الزوار

 

Your pictures and fotos in a slideshow on MySpace, eBay, Facebook or your website!view all pictures of this slideshow

 

ننفرد بنشر تقرير للباحث الإسرائيلي كاري سوسمان من جامعة تل أبيب:

 sussman1.jpg

*يشتري الوقت من أجل حل طوعي على قاعدة الخيار الأردني

 sussman2.jpg

*عمان هي القدس الجديدة وفقا لمخطط شارون الفلسطيني في الأردن..

 sussman3.jpg

ـ الدولة الفلسطينية المؤقتة تحول قضايا الحل النهائي إلى خلافات حدودية غير عاجلة بين دولتين

 sussman_map_lo_res.jpg

ـ هدف شارون تذويب كيان فلسطيني في الدولة الأردنية ونقل مصالح الفلسطينيين الاقتصادية للأردن ومصر

 Mar-25-Gary-Sussman.jpg

ـ مهمة الدولة الفلسطينية المؤقتة إلغاء تمثيل منظمة التحرير لفلسطينيي الخارج ووقف مطالبتها بحقهم في العودة

 Mar-25-Two-State-1.jpg

عمان ـ  حركة إبداع وشاكر الجوهري:

ننفرد بنشر هذا التقرير بالغ الأهمية والخطورة، للباحث الإسرائيلي في جامعة تل أبيب كاري سوسمان، وقد تمت ترجمته عن الإنجليزية.

التقرير أعد في آذار/مارس الماضي بعنوان "تقرير شرق أوسطي ـ أرئيل شارون والخيار الأردني".

وهو يخلص بعد أن يستعرض مفردات المسار الفلسطيني، إلى أن رئيس وزراء إسرائيل يقوم بعملية شراء للوقت بهدف الوصول إلى حل القضية الفلسطينية في الأردن، وتحويل العاصمة الأردنية عمان إلى قدس جديدة، وتذويب الكيان الفلسطيني المحدود الذي يعتزم الانسحاب منه، ولا تزيد مساحته عن 58 بالمئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، في الأردن، وجعل الفلسطينيين يبحثون عن مصالحهم الاقتصادية في الأردن ومصر.

ويجزم التقرير أن الحل المؤقت الذي يتحدث عنه شارون يهدف إلى تحقيق أمرين:

الأول: أن يتحول الحل المؤقت إلى حل نهائي، بعد أن يؤدي قيام دولة فلسطينية مؤقتة إلى إطالة أمد الخلاف الحدودي النهائي بين الجانبين، باعتبار أن الخلافات الحدودية لا تكتسب صفة الاستعجال.

الثاني: حين تصبح الدولة الفلسطينية المؤقتة هي من يمثل الفلسطينيين، تفقد منظمة التحرير هذه الصفة، وتتراجع قدرتها على تمثيل الفلسطينيين في الخارج والمطالبة بحقهم في العودة.

 Mar-25-Two-State-4.jpg

هنا نص التقرير:ترجمة تيسيرنظمي

متحمس شره لأرئيل شارون وخطته بالفصل أحادي الجانب كتب قائلا: "إن خطة شارون  

ولدت ناقصة "بلا رؤية وبدون أفق دبلوماسي، وخالية من أية أبعاد أيديولوجية". ووجهة النظر هذه من رئيس الوزراء الإسرائيلي، لامعة تكتيكيا ولكنها تفتقر لمفكر استراتيجي، فهي شائعة لكنها مخطئة. فشارون ينتمي بوضوح، لهيكل سيد التكتيكيين في السياسة المعارضة، ولكنه في الواقع يمتلك استراتيجية طويلة المدى. وخطة الانفصال من جانب واحد تتناسب تماماً مع هذه الإستراتيجية. فلم تعد رؤيته تتمثل بخلق دولة فلسطينية محدودة على 50% من الضفة الغربية كما افترض الكثيرون لوقت طويل. وعوضا عن ذلك، يرى شارون أن دولة فلسطينية في جزء هام من الضفة الغربية، ممكنة بنسبة 80%. وشارون يعي جيداً أيضاً أن وجودا كهذا ليس "قابلا للحياة". ويفترض، في الحقيقة، أن ترتيبات دولتين لا يمكن إسنادها وسوف لن تجلب نهاية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

وعلى المدى الطويل يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي أن تذوب الدولة الفلسطينية في الأردن. وفرضيته هي أن الانفصال من جانب واحد عن غزة وعن أجزاء من الضفة الغربية يجعل خطته تدير التحول بعناية شديدة بعيداً عن الحكم الإسرائيلي المباشر لأغلبية الفلسطينيين، وسوف تؤدي لحراك هذه العملية، ومع مرور الزمن، كما يحسب شارون، فإن متاخمة "فلسطين" لجارتها في الجهة الشرقية، وكذلك مع تنامي التجارة والروابط الثقافية و"الدمقرطة"، التي تتزعمها إدارة بوش، سوف تغري الفلسطينيين غربي وشرقي نهر الأردن بالتحرك بأنفسهم نحو فيدرالية فلسطينية ـ أردنية.

وإذا ما افترض المرء أن شارون ما زال متمسكاً بما أعلنه ذات مرة بوضوح بأن "الأردن هي فلسطين" فإن تقاطعه مع مؤيديه القدامى وسط الحركات الاستيطانية واليمين يصبح من السهل فهمه.

نوايا شارون

السياسيون أكثر صراحة مما نعتقد. فهم في الغالب يعنون ما يقولون. فإذا ما قرأ أحد، على سبيل المثال، خطابات الرئيس السابق لجنوب إفريقيا ف. و. دي كليرك منذ عام 1989 لغاية عملية المفاوضات التي أنهت في النهاية التفرقة العنصرية، فإن المرء سيصدم من الصراحة التي أعلن بها خطته وبرنامجه. فقد بحث دي كليرك تجاه فرض ديمقراطية محدودة، ليخفف من حدة الديمقراطية العالمية وبضمانات على قدر من الأهمية للأقلية البيضاء. وكان يأمل من فعل ذلك ضبط خطوات ومجال التحول. كما أنه كان يعتقد أن بإمكانه أن يتفوق على الكونغرس الوطني الإفريقي الذي افترض أنه سيضعف كثيراً مع انهيار حليفه الإتحاد السوفياتي. وبنفس الطريقة تقريباً هدف غورباتشوف لهندسة عملية تديم شيوعية الاتحاد السوفياتي ولكن مع إصلاحه، أما كون البريسترويكا وبريتوريا ـ سترويكا قد فشلتا في تحقيق أهدافهما فإن ذلك بالطبع أمر آخر بالكامل. إن خطابات القادة السياسيين وتصريحات مساعديهم دليل حاسم لأولئك غير المقربين من القادة ومن أفكارهم الداخلية. وأرئيل شارون كان أقل قدرة على فعل الخير بتحديد وجهته الأخيرة ضمناً. لكنه كان واضحاً بخصوص أهدافه العاجلة. ففي تصريحاته منذ كانون أول/ديسمبر 2003، عندما أعلن عن خطة الانفصال من جانب واحد، أشار مراراً وتكراراً أنه يتمنى أن يشتري الوقت لإسرائيل كي يجري تعديلاً للحالة الفلسطينية وسط بلوكات من المستعمرات الاستيطانية، والطرق الالتفافية، والقواعد العسكرية في الضفة الغربية. ورغم ذلك كان خجولاً حول ما يتوجب عمله لاحقاً. فشارون لم تتغير آراؤه الأساسية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ومثله مثل كثير من الإسرائيليين لديه شكوك عميقة بالعرب ولا يثق بهم. وكما يوضح دوف ويزغلاس المستشار السياسي الثقة لرئيس الوزراء: "إنه ـ أي شارون ـ يعتقد بأن العالم العربي يرى في إسرائيل عبئا ولن يتوصل إلى التعايش مع وجودها". كذلك فإن شارون يرفض أي مقدمة للتفاوض الشامل حول دولتين يقود وجودهما للسلام والمصالحة من نوع التسوية التي تأمل منافسه السابق من حزب العمل أن تقود نحو "شرق أوسط جديد". فالفرضية المرشدة لمعظم المسؤولين الرسميين وغير الرسميين عن مبادرات السلام حتى الآن ـ سواء اتفاقات اوسلو عام 1993 و1994 أو مبادرة السعودية في آذار/مارس 2002 أو اتفاقات جنيف في كانون أول/ديسمبر 2003 كانت تعني أن تسوية شاملة سوف تزيل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من قائمة مهيجات المنطقة، معبدة الطريق نحو التوافق والتعاون والتكامل. وأكثر الأدلة دموية لهذه الرؤية، بالطبع، كان زعيم حزب العمل شمعون بيريس. بالنسبة لأرئيل شارون، مع ذلك، ليس هنالك ثمة شرق أوسط جديد في نهاية النفق. وعوضاً عن ذلك يبحث عن استخدام إجراءات أحادية الجانب لإدارة الصراع لما فيه مصلحة إسرائيل. ونموذج إدارة الصراع هو في الجوهر تباين حديث حول فكرة الصهيونية التعديلية التقليدية بـ"الجدار الحديدي" الفكرة التي اعتنقها زئيف جابوتنسكي. فقبل إعلان استقلال إسرائيل، طرد الصهاينة التعديليون فكرة التسوية التفاوضية مع الوطنية الفلسطينية من أذهانهم. وبدلاً من ذلك دعوا لبناء "جدار حديدي" رمزي بين إسرائيل والمحاذين العرب إلى حين بزوغ قيادة عربية "معتدلة" تكف عن مجرد النية في تدمير الدولة اليهودية الجاري صنعها. والانتفاضة الثانية أقنعت الإسرائيليين أن وجود جدار حديدي ما زال ضرورياً. يوضح قلق شارون العميق من العرب لماذا عارض خلق دولة فلسطينية مستقلة منذ أمد بعيد. ففكرته التقليدية هي أن إسرائيل بحاجة لأن تستقر في ما وراء السهل الساحلي.. إذا ما قدر لها أن لا تكون "كتلة من الاسمنت تمتد من عسقلان إلى نهاريا على طول الحدود مع بنادق العرب، وأن تعتمد على حماية القوى الصديقة"، على عكس حلفائه السابقين في الجناح اليميني المتدين في حركة المستوطنين، فإن شارون على أية حال يريد أن يجري تعديلات على تكتيكه لخدمة أهدافه الإستراتيجية. وليس من قبيل المصادفة أن اتهم مؤخراً المستوطنين بأن لديهم "عقد تبشيرية".

وشارون من حيث المبدأ يعارض الحاجز الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية ولم يتسامح معه إلا فقط عندما أدرك أنه لا يستطيع تحدي التأييد الجماهيري المتنامي للمشروع. حينئذ خصص برشاقة الحاجز لخدمة برنامجه هو. وبالمثل، فإن شارون أدرك أنه ليس بمقدوره مقاتلة الفكرة المتزايدة لهيمنة وتجزئة المناطق بين البحر المتوسط ونهر الأردن. كما أنه قلق قلقاً حاداً من أن يواجه الولايات المتحدة، ونقطة التحول بالنسبة له كانت هي الرئيس جورج بوش في احتضانه "لحل الدولتين" في خطابه في حديقة الزهور يوم 24 حزيران/يونيو 2002. لكن شارون لديه فكرة جد مختلفة عن حل الدولتين، غير تلك التي تتصورها السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي. قد يصف المرء رؤيته تلك بأنها "حل دولة وثلاثة أرباع الدولة". فمنذ أن وصل إلى الحكم في شباط/فبراير 2001 لجم شارون بذكاء ومهارة مفاهيم مثل تكوين دولة، الحاجز، والانفصال أحادي الجانب كي يضخم من مكاسب إسرائيل في الأراضي وكي يغير في مسار الضغط الديمغرافي من إسرائيل نحو الشرق. في الأسابيع الأخيرة ادعى شمعون بيريس، الرجل الذي لا يتعب، والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء، في حكومة شارون للفصل من جانب واحد، أنه في الوقت الذي أمن حزب الليكود إتلاف القوة السياسية، فإن حزبه كسب معركة الأفكار. فأطروحة العمل الصهيوني بشأن حاجة إسرائيل إلى تجزئة في الأراضي من أجل إنجاز السلام برزت في الحقيقة بروزاً مسيطراً. واحتضن شارون كذلك فكرة اليسار الصهيوني بالانفصال من جانب واحد مقترحاً العصا الغليظة المؤثرة لانتصارات العمل الصهيوني. وسيادة نموذج أحادي الجانب كما يفهمه شارون، رغم ذلك، شكل انتصاراً عظيما للصهيونية التعديلية،  ففكرة "الجدار الحديدي"، وكذلك الاعتقاد بأن لا حل للصراع كسبت عملة على نطاق أوسع في إسرائيل. وعلى نحو ديكالتيكي فإن شارون استطاع تأليف وتركيب الأفكار التي يتبناها اليسار الصهيوني من أجل توسيع رؤيته لما يجب أن تكون عليه إسرائيل الآمنة.

منطق شارون الأحادي الجانب

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي ومساعدوه أكثر شفافية في تحديد الأهداف من وراء خطة الفصل من جانب واحد. كما أشرنا سابقاً، فأولا وقبل كل شيء ما نطق به شارون من عزله لنموذج حل الصراع وبمقتضاه "مسائل الحل النهائي" في الصراع ـ بالدرجة الأساس الحدود والمستوطنات ومسألة اللاجئين الفلسطينيين والقدس ـ كان ممكنا حلها في الحال. أحد قادة خطة الفصل ومهندسيها إيغال جلعادي يرى أنه من "المستحيل" التوصل لاتفاق الوضع النهائي في خطوة واحدة، ويرفض جلعادي فكرة أن السلام يجلب الأمن وبدلاً من ذلك يرى أن الأمن يجلب السلام، أكثر من ذلك يراد للخطة أن تحرر إسرائيل من خارطة الطريق التي تطرح الدولتين كحل تتبناه الرباعية، الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي الذي تم التشريع له في أيار/مايو 2003، مناقضاً بحدة تعهداته للمجتمع الدولي وتعليقاته الأخيرة في 8 شباط/فبراير 2005 في مؤتمر شرم الشيخ، فإن شارون تحدث بوضوح لمجموعة من السفراء الإسرائيليين أنه "لن يكون هنالك تحولا مباشراً من خطة الفصل إلى خارطة الطريق". إن الهروب الناجح من خارطة الطريق يضمن لإسرائيل أن تؤكد سيطرتها على العملية الدبلوماسية وأن تديرها وفق المفهوم الإسرائيلي لها. فقبيل قمته مع جورج بوش في نيسان/ابريل 2004 أشار شارون إلى أن "المبادرة الإسرائيلية فقط سوف تبقينا بعيداً عن الإنجرار لمبادرات خطيرة مثل مبادرات جنيف ومبادرة السعودية". إن فشل شارون في اتخاذ أية مبادرة دبلوماسية في فترة ولايته الأولى خلق فراغاً دبلوماسياً ملأه الآخرون. ففي جزء منها كانت خطته رد فعل لهكذا جهود. ويقر دوف ديزغلاس أن الخطة "تجبر العالم على التعامل مع فكرتنا"، ومع السيناريو الذي كتبناه، فباستعادة السيطرة ينوي شارون حرف مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين التي نصت عليها الفقرة الثالثة من خارطة الطريق. وفي مثل هذا التبادل فإن تنازلات الفلسطينيين في حق العودة للاجئين سوف تكون بحاجة لمقابل من المرونة الإسرائيلية في القدس، والمستوطنات والحدود. وقد شبه ويزغلاس خطته بغاز "الفورمالديهايد" عديم اللون المطبقة من أجل "ألا تكون هنالك عملية سياسية مع الفلسطينيين".

فالمقاربة أحادية الجانب، إذن، تسمح لشارون بمخاطبة مسائل المستوطنات والحدود دون مفاوضات وعلى قاعدة تصب في مصلحة إسرائيل. ويفترض شارون أن إجراءات "مؤلمة" مثل إزالة مستوطنات صغيرة سوف تمكن إسرائيل من السيطرة على مجال الانسحاب. وفي أحاديث خاصة وفي العديد من المقابلات مع وسائل الإعلام أشار رئيس الوزراء أن خطته "تشكل ضربة قاتلة للفلسطينيين" ولبحثهم عن دولة، وسوف تجعل من المستحيل العودة لخطوط هدنة عام 1949. ويشرح الصحفي المقرب منه يوري دان أن خطة "الفصل الفظ" لشارون بمثابة مقدمة لتقديم تضحيات تكتيكية مقابل مكاسب استراتيجية في الضفة الغربية.إنه لمن المذهل أن يواصل شارون العناد في العودة لعملية ثنائية حتى وإن كانت العقبة الكأداء ياسر عرفات لم تعد موجودة. إن خطة الفصل تم تقديمها بعد كل شيء كوسيلة لتفادي تمرد وقسوة ياسر عرفات. رغم أن خلفه محمود عباس قد يكون متشدداً في تجنب العنف كوسيلة نضال فلم ينحدر بعد للخطوط التي رفض عرفات التزحزح عنها في كامب ديفيد تموز/يوليو 2000، فهذه مواقف لا يستطيع شارون أبدا الموافقة عليها.

الانسحاب إلى ماذا..؟

السؤال الحرج الذي ما يزال دون إجابة هو ما هي الخطوط الحمراء للانسحاب إذا ما علمنا أن شارون على درجة من الفطنة بحيث يتجنب انسحاباً وفق اتفاقية جنيف وتفصيلاتها. الناطق الرسمي باسمه رعنان غيسين أشار إلى أن خطة شارون "سوف تزيل مسألة أية إخلاءات رئيسية أخرى في يهودا والسامرة، وخاصة مجموعة المستعمرات الرئيسية". والخطة كما يشير غيسين تترك لإسرائيل "معظم المناطق الحيوية التي نحن بحاجة إليها". وكأن شارون قد قال أن إسرائيل بحاجة "لعمق استراتيجي" أكبر، وأن باستطاعتها تحقيق ذلك من خلال بناء "مناطق أمينة" بمثابة ضمادات تتشكل من أراضي محتلة لن تنسحب منها إسرائيل. وموضحاً طبيعة هذه المناطق يرى غيسين أنه "سيكون هنالك منطقة أمنية شرقية وأخرى غربية، والشرقية تمتد لمسافة من 10ـ15 كم، والغربية لمسافة 3ـ5 كم من حدود عام 1967". وعند الضغط على رعنان غيسين كي يقدر النسبة المئوية من الضفة الغربية التي ستترك للفلسطينيين قال إنها ستكون 58% وقد عزز هذه النسبة مستشار شارون السابق للأمن القومي افرايم هاليفي، وكذلك الصحفي بن كاسييت الذي أوضح بالتفصيل استراتيجية شارون قبل بضعة أيام من خطاب شارون في هرتسليا في كانون أول/ديسمبر 2003، والذي كشف فيه لأول مرة عن خطته. وفي لقائه مع صحيفة "ها آرتس" واسعة الانتشار الذي استخدم فيه لأول مرة كلمة "فورمالديهايد" قال ويزغلاس إن الانفصال سوف يضمن أن 190 ألفاً من أصل 240 ألف مستوطن "لن يتزحزحوا من أماكنهم" ومع إعادة توطين 50 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية وغزة (الرقم 240 ألف يستثني المستوطنين المقيمين في شرقي القدس ومحيطها) فإن إسرائيل ستظل تسيطر على جزء هام من الضفة الغربية. ومثل هذا الانسحاب سوف يتماشى بفظاظة مع الخطة التي اقترحها الجنرال يغال ألون في تموز/يوليو عام 1967 والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة حزب العمل آنذاك. لذلك فإن المقابلات السالف ذكرها تؤكد ما سبق وأن أكده العديد من النقاد حول نوايا شارون.من ناحية أخرى فإن إيغال جلعادي ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال إن الرقم النهائي "لمناطق الضفة في الجانب الغربي للحاجز سوف يكون شريطاً أقل من 10%". وقد أكد على هذه النسبة أيضا أيهود اولمرت الذي يشغل الآن نائب رئيس الوزراء، وسبق له أن شغل رئيس بلدية القدس.كما تشير ذيول حاجز الانفصال الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية في 20 شباط/فبراير 2005 إلى نفس هذا التوجه.هذه التقييمات تدلل على أن شارون يفكر في مجموعة من سيناريوهات الانسحاب تتراوح ما بين إخلاء إسرائيل لـ60% من الضفة الغربية إلى ما هو أقل من 90% منها.

والعديد من المراقبين يرجحون أن شارون سوف يقرر الحدود النهائية للكينونة (الوجود) الفلسطينية بالجدار الفاصل، وأنه طبقاً لذلك فإن مسار الحاجز في الضفة الغربية وشرقي القدس يتغير وفقاً لما يفكر به شارون من نسب للوجود الفلسطيني الذي سيقبل به، وأن أحكام محكمة العدل الدولية ومحكمة إسرائيل العليا حول الجدار الفاصل حدت من قدرة شارون على فرض السيناريو الأقل عطاء للفلسطينيين الذي يتصوره. لكنه ثمة حافز أكبر لانسحاب أوسع هو أن مثل هذا الانسحاب سوف يغري جهود شارون على المدى الطويل بأن يضخم مكاسبه من المناطق.

 إعادة تأطير الصراع

إن أول أهداف شارون هو خلق دولة فلسطينية تابعة، بمناطق لها حدودها، ومن ثم تحديد مناطق يتم التنازل عنها لاحقاً لتلك الدولة. فالدولة الفلسطينية التي لها حدود مناطقية تم الوعد بها في المرحلة الثانية من خارطة الطريق. ومع ذلك فإنه بالمقارنة مع الفلسطينيين، فإن شارون يسعى لأن يتجنب المرحلة الثالثة من خارطة الطريق لأطول فترة ممكنة. ويقر ويزغلاس بأن شارون احتضن الفصل من جانب واحد فقط عندما أصبح من الواضح أن لا وجود لشريك فلسطيني لترتيبات المرحلة الانتقالية التي تؤجل المرحلة الثالثة.

إن رفض عرفات القبول بهذه الفكرة عزز جهود إسرائيل في تهميشه. فمن وجهة نظر شارون، إن دولة فلسطينية محدودة بالمناطق التي بها كثافة سكانية فلسطينية عالية تعيش على أقل ما هو ممكن من الأرض، يمثل مسألة استراتيجية. فمثل هذه الدولة (Statelet)  تطور يد إسرائيل في مفاوضات الوضع النهائي، لأنه يسهل تصوير الصراع بسهولة في هذه الحالة على أنه خلاف بين دولتين ذاتا سيادة. ولا تعود إسرائيل بالتالي مضطرة للتعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل اللاجئين، كما يذهب عزمي بشارة.هناك فرق هائل بين التفاوض على تسوية نهائية مع دولة، وبين التفاوض مع حركة تحرر وطني، فالعشرات من الدول لديها نزاعات حدودية ليس فيها ما هو مستعجل أو طارىء يدعو للقلق بخصوصها، على عكس قضايا التحرر الوطني. وشارون ليس لديه النية في أن يتباحث مع حركة تحرر وطني بالطبع. لذلك سوف يخسر الفلسطينيون إن هم قبلوا بدولة خارج إطار الحل النهائي الدائم العادل الشامل مثل هذه الفرصة. ودولة مبتورة مجتزأة منذ بدايتها هو ما ينوي شارون جعله حلاً نهائياً لهم.كما أن الانفصال يسمح لإسرائيل أن تدق إسفينا في الأرضية الأخلاقية العالية للصراع. ولهذا السبب فإن شارون سوف يذهب إلى ما هو أبعد من جشعه في نسبة الـ60% التي يفترضها الكثيرون بأنها ستعاد للفلسطينيين ضمن خطته. وفي نفس الوقت فإنه قام بجهد حاسم للتقليل من توقعات الفلسطينيين والإسرائيليين.

والمجتمع الدولي في ما يتعلق بمدى الانسحاب النهائي. فهو يرى أن تربية نظرة تشاؤمية لدى الآخرين سوف تخدمه عندما يقدم في النهائية ما هو أقل من "العرض السخي" الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك في كامب ديفيد. فكلما زادت مساحة الأراضي التي يوافق على إخلائها، كلما ازداد موقفه قوة عندما سيطالب بضم ما تبقى منها. وإذا استخف الفلسطينيون، كما يتوقع، بهذه الانسحابات، سوف تكون إسرائيل للمرة الثانية قادرة على تحميل الدوغما الفلسطينية مسؤولية الضم والإلحاق الإسرائيلية.

ثمة فائدتان إضافيتان أيضا للانفصال، الأولى هي أن انسحابا محدوداً سوف يسمح لشارون بالظهور أمام الإسرائيليين والمجتمع الدولي بمظهر المتضرر من "التنازلات" المتعلقة بالمناطق. لذلك سوف يتمكن من تقويض تسوية السلام الشامل بطريقة ذرائعية.

بصفته قائد استيطاني بارز يوضح الحاخام يوئيل بن ناف أن شارون "يحتاج مصيبة وطنية للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي والمجتمع الدولي بحيث يكون من المستحيل تكرار مثل ذلك مرة أخرى".أما الفائدة الثانية من الانفصال، فهي في كون الخطة تخفف من الضغط الداخلي الذي يحمل شارون مسؤولية المخاوف الديمغرافية. فالإسرائيليون تستحوذ عليهم المخاوف الديمغرافية ـ التناسب بين اليهود وغير اليهود ممن يسكنون إسرائيل ـ فلسطين. فخوفهم من تدني نسبة الأغلبية اليهودية قادهم إلى تحول دراماتيكي نموذجي أصبح فيه وجود دولة فلسطينية مع كل ما تحمله من امكانات أن تكون دولة تشكل تهديدا مسلحاً لهم، أهون بلاء عليهم من الخطر الديمغرافي. وبتسليمه لغزة فإن شارون يعدل الميزان الديمغرافي ويقلل من الضغط الداخلي عليه بتسوية شاملة. زيادة على ذلك فإنه بإزالته لغزة من المعادلة فإنه يضعف اليد الفلسطينية في صفقة تالية.وقبل كل شيء إن الخطة سوف تسمح لشارون بأن يحارب من أجل المناطق التي يرى أنها حيوية. بالمقارنة مع أسلافه، فإن شارون لا ينفق وقتاً ثميناً في معارك سياسية رمزية. وهذه الصفة هي ما يميزه عن الصقور المتدينين. فالرسالة التي حصل عليها من بوش في نيسان/ابريل 2004 شهادة له على تمركزه الاستراتيجي. فالوقت الذي كسبه من وراء لعبة الانفصال من جانب واحد هو وقت مكن إسرائيل من خلق حقائق جديدة على الأرض ومن تحصين المستعمرات الاستيطانية.وكما صرح شارون بنفسه لجمهور من المستوطنين "إن معاليه ادوميم سوف تكبر وتغدو أكثر قوة وكذلك مستوطنة أرئيل وبلوك مستوطنات عتصيون، جيفات زئيف، سوف تبقى في أيد إسرائيلية وسوف يتواصل تطورها. والخليل وكريات أربع سوف تغدو أكثر قوة".حتى أكثر قادة حزب الليكود ليبرالية، ايهود اولمرت، أوضح أن هذه التجمعات لن يتم التخلي عنها. وفوق خلق حقائق جديدة على الأرض، فإن قرار التخلي عن غزة جعل من السهل بناء تحالف إسرائيلي داخلي من أجل أن يحارب في سبيل الحفاظ على هذه البلوكات. فشارون وحلفائه من الليكود يدركون أن "حلولاً" بديلة مثل ترحيل التجمعات الرئيسية لعرب إسرائيل لداخل الوجود الفلسطيني أو تقطيع الضفة الغربية بالكامل إلى كانتونات منفصلة ليس بحل معقول. فالخيار السابق الذي يدعمه علناً افيغدور ليبرمان من أقصى اليمين في حزب "يزرائيل بيتينو" والذي يرعاه ضمناً بنيامين نتنياهو، المنافس الرئيس لشارون داخل الليكود، من الممكن أن يكون ممكناً فقط إذا حظي بتأييد اليسار الصهيوني. وحتى الآن لم يمتدح الفكرة باقتضاب غير أفرايم سنيه الذي شغل منصب وزير الدفاع في حكومة بارك. أما الدعم الجماهيري للفكرة من الوسط السياسي فقد يزداد مع مرور الوقت وازدياد المخاوف الديمغرافية. وكما يوضح الصحفي ألوف بن "إن حل الانسحاب من المناطق لم يعد كافيا لأنبياء الديمغرافيا الغاضبين مثل البروفيسور عرنون سوفر، وسيرجيو ديلا بيرغولا". لكن دعما جماهيرياً حرجا لم يتشكل بعد.لقد دعم شارون خيار الكانتونات منذ أن دخل عتبة العمل السياسي، غير أن المراقبة الدولية المتزايدة للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في سنوات الانتفاضة الثانية أخذت هذا الخيار من على طاولة تصور الصقور الإسرائيليين. يشير ايهود اولمرت "إن برنامج الكانتونات سوف يخلق وضعاً لم يجر تحضير العالم له كي يتعايش معه لأنه سوف لن يسمح لمنطقة متاخمة لاتعطي للفلسطينيين الأسس الأدنى للتمتع بالاستقلال تحت حكم ذاتي وسيادة. فالخطة تحولهم إلى شيء، وآسف لما تحمله المقارنة من تقليل شأن، أشبه بجنوب أفريقيا السابقة. إن العالم لا يقبل بمثل هذا".

 التعايش مع دولة فلسطينية محدودة

يثمن شارون أن شيئا مما سيدعوه البيت الأبيض "دولة فلسطينية" أصبح شيئا من المعطيات. وهو يحاول الآن أن يخلق إجماعا محلياً ودوليا من أجل دولة فلسطينية محدودة، وبالرغم من ذلك أكبر مما يتصور المقللون من شأنه أنه جاهز للقبول به.بل أنه سيرضى حتى بسيادة أكبر للوجود الفلسطيني مما كان سلفه قادراً على إعطائه. قد يسمي البعض مشروعه الحالي بمشروع "تحالف العشرين بالمئة ـ من الضفة الغربية لإسرائيل". وبعبارة أخرى إنه يسعى لتعزيز مواقف إسرائيل من المسألة الفلسطينية بحدود يعتبرها حيوية لإسرائيل. لذلك فإن إجراءاته الأحادية الجانب بعيدة عن إعادة تغليف فكرة حل الدولتين. فمن منظوره أن هذه المقاربة عقلانية. وشارون على أية حال يؤمن أن سلاماً متفاوضاً عليه مثل ذلك الذي تمخض عن اتفاق جنيف سوف لن يحل الصراع.  ولا يستطيع شارون إلا أن يحصي عدة نجاحات فقط في محاولته. فخطته يجري تصويرها على أنها اللعبة الوحيدة في البلد أولاً. وثانيا فإن الرسالة التي حصل عليها من بوش تعترف بـ"الحقائق على الأرض" الإسرائيلية. وعلى المستوى الداخلي فإن خصي شارون لحزب العمل يمثل انتصاراً في جهوده لتعزيز الطوبوغرافيا السياسية الإسرائيلية. وفي الوقت الحاضر فإن اكبر تهديد لبرنامجه يأتي من اليمين الديني والأيديولوجيين والمشرعين الساخطين في الليكود.

إن خلق دولة فلسطينية محدودة مليء بالمخاطر لإسرائيل بحيث يمكن أن تجد نفسها مع جار غير مستقر. وكما يشير جدعون ليفي "لا يمكن أن توجد دولة فلسطينية مستقلة بين عفرا عتصيون. لا يمكن أن يوجد حل شامل مع أرئيل ومعاليه ادوميم". وليس كل الإسرائيليين يبدون منزعجين من دولة فلسطينية تفتقد لتخوم حدودية ويمكن بالنتيجة أن تكون غير قابلة للحياة. يرى أحد المعلقين من الجناح اليميني أن "فكرة أن البلد تحتاج لوحدة جغرافية فكرة قديمة"، وبالمقابل فإنه يرى أن "قابلية بلد للحياة" وبالدرجة الأساس "هي وظيفة نوعية الحكم". وبدون التقليل من أهمية الحكم، فإن وجودا متشنجا لا يتفق مع مقدماته ومسكون بالفقراء والمظلومين سوف يستمر في توليد الهجمات على المدنيين الإسرائيليين. قد يتفق بصمت بعض الساخرين في إسرائيل مع ما ينجم من نتائج عن مثل هذا الوضع الذي يعزز اطروحاتهم بأن الفلسطينيين لا يريدون السلام.

المسألة الأخرى هي السيادة. إن أدبيات التحول الديمقراطي ترى أن السيادة شرط مسبق للديمقراطية ـ جمعية تشرف عليها بكل ارتياح إسرائيل والمجتمع الدولي في ايلائها أهمية قصوى لـ"الإصلاح" الفلسطيني. ومع ذلك هنالك سبب وجيه للإدعاء بأنه حتى تراجع إسرائيلي متفاوض عليه من الأراضي قد يؤدي إلى دولة فلسطينية بسيادة مخففة. قد تصر إسرائيل جيدا على سيطرتها على معابر الحدود الخارجية من أجل منع تهريب السلاح أو على سيادتها على المجال الجوي. كما أن إسرائيل من المحتمل أن تصر على أن تكون الدولة الجديدة منزوعة السلاح, كما أن إسرائيل سوف تخرق أيضاً السيادة الفلسطينية في الحالات التي تشعر فيها أنها معرضة لتهديد عسكري. أكثر من ذلك، قد تصر إسرائيل أيضا على أن لها حق الفيتو تجاه علاقات فلسطين الخارجية مع دولة معادية لإسرائيل مثل إيران على سبيل المثال. مثل هذه المطالب سوف تحد الأوجه الداخلية والخارجية من أوجه السيادة. فالسيادة الداخلية تتضمن أن تتمتع الحكومة بحقوق غير مشروطة وحاسمة ضد فرض العقوبات، في حين أن السيادة الخارجية تتضمن مجتمعاً يضع سياسة حرة من تدخل الآخرين بها. وكما يقول ديفيد هلد "السيادة.. من طبيعتها الأساسية أن تتضمن درجة من الاستقلال عن القوى الخارجية وعن سيطرة أو سلطة كلية تمارس على المجموعات الداخلية".وسوف تكون غريزة إسرائيل هي أن تحد من السيادة الفلسطينية كما تفهم عالمياً. وحتى وإن أرادت إسرائيل إسناد نخبة محددة من الفلسطينيين الذين لديهم الرغبة في التعاون معها من أجل مصالحهم الشخصية، فإنها سوف تواجه إمكانية أن لا يقبل عامة الفلسطينيين بتلك الكينونة كدولة

"الدولة" توجد بشكل رئيسي في قلوب وعقول شعبها، فإن لم يعتقدوا بوجودها فليس ثمة تمارين وتدريبات ستمنحها الحياة".

وفي المحصلة، إن إسرائيل تحدد المجال والجوهر للسيادة الفلسطينية التي سيجد الفلسطينيون والإسرائيليون أنفسهم فيها. وإذا لم يعترف الفلسطينيون بالدولة الفلسطينية فسوف تكون بمثابة بانتوستانات كتلك التي كانت في جنوب إفريقيا. من الصعب أن نتخيل أن أرئيل شارون ليس مدركاً للمخاطر التي تتضمنها دولة محدودة السيادة والتي ستقودنا إلى الجزء المسكوت عنه في خطته بالانفصال.

الخيار الأردني

جدير أن نتذكر أن "الخيار الأردني" ـ حيث يقوم الوجود الفلسطيني بفيدرالية مع الأردن ـ هو نهاية اللعبة التي يتبناها شارون منذ أن دخل السياسة عام 1974. فلعدة سنوات أيد علنا إزالة "المملكة المصطنعة" في الأردن. وعلى الأقل هنالك شخصية أردنية بارزة تعتقد أن المناورة التكتيكية الإسرائيلية يجب أن يجري تقييمها في ضوء أفضليات شارون السابقة. فعندما كان لا يزال وزيراً للخارجية وحالياً نائب لرئيس الوزراء (المترجم: الدراسة مكتوبة قبل سقوط حكومة فيصل الفايز) قال الوزير مروان المعشر: "نخشى أن يأتي اليوم الذي يحاورنا فيه القادة الإسرائيليون على أن ـ الأردن هي فلسطين ـ لماذا نحن قلقون..؟ إن الجدار سوف يقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام. سوف يجعل هذه الحياة مستحيلة على الفلسطينيين: إذ يفصلهم الجدار عن أعمالهم وعن مدارسهم وعن أراضيهم. وإذا ما وقع ذلك فما هي الخيارات المتروكة أمام الفلسطينيين..؟ سوف يغادرون طوعياً أو بالقوة إلى الأردن".وفي الحقيقة أن هنالك تعبير مغاير عن الفكرة دون أن يسميها باسمها عند القول بـ"الحل  الإقليمي" الذي يحظى بدعم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وما يرشح من التقارير الصحفية هو أن غيورا ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي هو الذي قدم الخيار "الإقليمي" لشارون. إضافة إلى ذلك فقد أرسل ايلاند لدى تلقيه المباركة على ذلك بمندوب لطرح الفكرة على المجتمع الدولي. والفارق البارز بين قائد قوات الدفاع الإسرائيلية الحالي وبين القائد السابق شارون هو أن السابق يتخيل أن مثل هذا التكييف accommodation من الممكن التفاوض حوله. وشارون الأكثر حذرا في تثمين أن لا الفلسطينيين ولا جيران إسرائيل سوف يوافقون على الفكرة.كيف سينجح شارون في التأثير على النتاج ثنائي القومية في الصراع..؟ كثيراً ما أشار هو والناطقين الرسميين أن خطة الانفصال تشتري الوقت لإسرائيل.وإذا كانت فكرة الدولتين كنتيجة هي ما يدور برأس شارون فإن ذلك يشير إلى السلام، فلماذا إذا يلعب لعبة كسب الوقت..؟ ليس السبب في ذلك هو أن الوقت الذي يكسبه يقوي قبضته فقط على بلوكات المستوطنات. فالأهم هو أن الوقت الذي يشتريه شارون ويراهن عليه من خلال خطته سوف يسمح لاتجاه آخر ديمغرافي بالتقدم وتحديداً، تغيير داخلي أردني ديمغرافي بين الفلسطينيين والأردنيين Transjordanians  فاللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الأردن يشكلون الأغلبية، ولكن تقسيم الأردن من قبل النظام الهاشمي إلى وحدات سياسية ضمن أن لا يكونوا ممثلين تمثيلا حقيقيا في التشريعات. زيادة على ذلك فإن الشرق أردنيين Transjordanians يواصلون التحكم في مقاليد مؤسسات المملكة، وخاصة أجهزة الأمن. وهذا الميزان ممكن أن يتغير، خاصة إذا ما تم الضغط على الأردن للأخذ بحكم الأغلبية الديمقراطية مثلما قد يفكر أحد ما بعبارة بوش "التحول" الذي يتضمنه الشرق الأوسط. وفي مثل هذا السيناريو فإن المنطقة قد تصبح بيتاً لإثنين هما "الوجود الفلسطيني" دولة محدودة على ما تبقى من الضفة الغربية والأردن، فمع اقتطاع الفلسطينيين من إسرائيل من خلال جدار الفصل، فإنه ليس أمام الفلسطينيين غير النظر إلى الأردن باعتباره موئلاً ثقافيا واقتصاديا لهم. في مثل هذا التطور من المحتمل أن يرى شارون انهيار الدولتين في كينونة entity واحدة. والناجم عن ذلك لا يتطلب بالضرورة القوة أو التورط الإسرائيلي المباشر.تطور واحد قد يمكن شارون من دفع استحقاقاته مقدماً هو أن تبرز حركات Irredentist movements  في الحكومتين تدعو لعلاقة association طوعية مبنية على إرادة الشعبين. الحساسيات الأردنية العالية ومصالح الولايات المتحدة الحالية تمنع شارون من مناقشة هذا الموضوع بالصراحة التي يستخدمها في مناقشة مستوطنات الضفة الغربية.ومن أجل أن تصبح عمان "القدس الجديدة" سوف تحتاج إسرائيل لربط المنطقتين ببعضهما البعض للتخلي عن وادي نهر الأردن، الذي كان ينظر إليه باعتباره تهديدا حيويا لإسرائيل ـ نظرا لمتاخمته لإسرائيل وللضفة الغربية ـ باعتبار أن هذا التخلي أصبح مصلحة إسرائيلية. حيث لم يعد هنالك جيشاً عراقياً ليعبر الأردن في المدى المنظور. وسوف تساعد مغادرة إسرائيل لوادي الأردن في جهود إسرائيل لتأمين الأرضية الأخلاقية، وفي تخفيف المخاوف الديمغرافية بإعطائها لفلسطينيي الضفة الغربية المجال  باتجاه الشرق للتمدد السكاني. وفي سياق خطته للانفصال أوضح شارون أن على الفلسطينيين أن يبحثوا عن مصالحهم الاقتصادية في الأردن وفي مصر.وحقيقة أن لا يكون هنالك على الأرجح حاجز فاصل شرقي بين وادي نهر الأردن ومرتفعات وسط الضفة الغربية تلقي بثقلها على فكرة أن شارون سوف يتخلى عن أجزاء من وادي نهر الأردن.

في الجوهر، يقترح أرئيل شارون لعبة انتظار غير معلنة مع الأردن. فهو يفترض أن انسحابا إسرائيليا سوف يضع إسرائيل في موقع نقطة الجذب تجاه مثل هكذا لعبة، يكون فيها اعتماد الأردن على المعونة الاقتصادية من المجتمع الدولي قد شكل عدم حصانة له. بل ويذهب إلى أبعد من ذلك في افتراضه أن الحل الوطني للفلسطينيين وللأردنيين أضعف من مثيله لدى الشعب اليهودي. والافتراض الأخير قد يبدو بعض الشيء ساذجاً. فالوطنيون الأردنيون مصممون على المحافظة على هوية مميزة وهم يقومون بذلك بفعالية منذ عام 1988، وبالمثل يواصل الفلسطينيون تمسكهم بدولتين وبالدولة الفلسطينية.إن الافتراضات المضللة حول خصومك إنما هي خلل متأصل في الألاعيب من جانب واحد، كما يشهد عليها ف.دبليو. دي كليرك. فالتحول الذي يتم عن قصد قد يستغرق حياة كاملة له. لقد كتب المثقف الفلسطيني سالم تماري قبل الانتفاضة الحالية مقترحا ببصيرة نافذة أن "الظروف الناجمة عن دولة مجتزأة سوف تجبر أيضاً الفلسطينيين على إعادة التفكير في خصمهم الثقافي". ونجعلهم جراء فكرة ثنائية القومية "على علاقة أعظم ومتزايدة مع الفلسطينيين في الأردن مقارنة بعلاقتهم مع الفلسطينيين  في إسرائيل".ويثير تماري هنا مسألة تحريضية.والمفارقة هنا أنها في مسار ثنائية القومية ـ التي تركز على إسرائيل ـ فلسطين وليس الأردن ـ قد تخدم عن غير قصد برنامج شارون. من ناحية أخرى فهي تقوض هيمنة حل الدولتين كما يفهمها اليسار الصهيوني والفلسطينيين وكثير من المجتمع الدولي. وزيادة على ذلك فإن نقاشاً تقدمي الوجهة حول ثنائية القومية الإسرائيلية ـ الفلسطينية يخلق فراغاً هاماً في اعتبار الخيار البديل ثنائية قومية.فقد يكون من الأسهل السير قدما في خلق إجماع داخلي إسرائيلي حول مثل هذا البرنامج. فاليسار الصهيوني يدعم تقليديا هذا الموقف. في آذار/مارس 1990 لام شمعون بيريس الليكود على جهوده في أن الخيار الأردني سوف "يفتح الباب أمام الفلسطينيين وأمام منظمة التحرير الفلسطينية وعرفات". وبالنسبة لرغبات بيريس الذي يشكل حل الدولتين بالنسبة له نهاية المطاف، ويؤمن أغلبية ديمقراطية يهودية في إسرائيل، فإنه رغم ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة له أن تنعكس الآية 180 درجة. وفي اليمين فإن عناصر الحركة الاستيطانية ودعم الليكود  يشكل جانباً آخر من الفكرة. وعندما يحين الوقت فإن كينونة فلسطينية محدودة مرتبطة بالأردن قد تصبح بسهولة إعادة تغليف لما هو امتداد طبيعي لخطة رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن التي تقضي بمنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً واسعاًَ في المسائل المدنية، ومع ذلك يترك لإسرائيل السيطرة على الضفة الغربية وغزة. إن إعادة صياغة دولة فلسطينية وبالتالي اتحاد فلسطيني ـ أردني قد يبزغ للوجود باعتباره القاسم المشترك للحركة الصهيونية

Guest Book دفتر الزوار

 

كتاب هذا الموقع حسب الترتيب الأبجدي 

 اسرائيل شاحاك

ايلان بابيه

آفي شلايم 

 أحمد أشقر

 أمنية أمين

أميرة هاس 

إدوارد سعيد 

بسام الهلسه 

تيسير نظمي 

جمانة حداد

خوسيفا بارا راموس

 حلمي موسى

راشد عيسى

 رجاء بكرية

 روديكا فيرانيسكو

سارة روي

 سلمان ناطور

 سيد نجم 

 شاكر الجوهري

 صبحي حديدي

طلال سلمان

عادل سمارة

عباس بيضون

عدنان ابو عودة

فاطمة الناهض

فيصل دراج

فواز تركي

لويجا سورينتينو

محمد الأسعد

محمود درويش

مرام المصري

ميرون رافوبورات

نعوم تشومسكي 

 

playmusic.gif

guernica.jpg

henry-miller1.jpg 

 

 

داخلا إلى عزلته صحفي من رام الله يحاور تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2009-02-17

القراءة : 1256

عمان-حركة إبداع

بعد غياب تسع سنوات عن الساحة الأردنية قضاها بين القدس ورام الله وحيفا عاد الصحفي مهيب البرغوثي إلى عمان وأول المخضرمين الذين قابلهم الكاتب والصحفي والمترجم تيسير نظمي الذي يفرض حول نفسه عزلة عن الفعاليات الثقافية الأردنية وصحافتها رغم عضويته في رابطة الكتاب الأردنيين ورابطة نقاد الأدب الدولية والاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين واتحاد الكتاب العرب. اللقاء التالي جزء من لقاء مطول أجراه البرغوثي مع واحد من أهم النقاد العرب ورائد من الرواد الأوائل للقصة العربية الفلسطينية وروائي وشاعر ترفض المؤسسات الأردنية التعامل معه حكومية أم أهلية بسبب من السقف العالي الذي لم يرتض نظمي أقل منه في قول كلمته:

- هل صحيح ما نقله لنا الكاتب وليد أبو بكر أنك ستنتقل لرام الله قريبا ؟

- أسمع بذلك منك لأول مرة وأسألك أنت هل صحيح ؟

- في آخر زيارة لوليد أبو بكر للأردن قال لنا في رام الله أنهم يجهزون لذلك، فما هو تفسيرك؟

- ليست المرة الأولى التي تمارس فيها عمان ضغطا على السلطة باستيعابي، يريدون التخلص مني بأية وسيلة، هذا أعرفه جيدا منذ أن دبروا لي عملا مع الدكتور محمد المسفر في الراية القطرية، ومنذ نصحوا المتوكل طه بأخذ صورة عن جواز السفر لإبعادي إلى الضفة الغربية منذ أواسط التسعينيات، وفي آخر زيارة للمتوكل طه قبل نحو شهرين أثناء انعقاد المؤتمر الاستثنائي لاتحاد الكتاب العرب قالوها علنا حفارو القبور في وزارة الثقافة الأردنية للمتوكل جهارا وأمامي وبصيغة المزاح لكنهم جادون والأمر ليس بمزحة عابرة.

- ما هي الأسباب؟

- لماذا تسألني أنا ؟ وجه السؤال لمن يدعون أنهم كتابا ومثقفين وسياسيين ونقابيين ووجودي في الأردن وفي عمان تحديدا يضايق طموحاتهم.

- هل صحيح أن موقعك الشخصي ممنوع الدخول إليه من حواسيب وزارة التربية الرائدة في التحديث والحوسبة؟

- نعم صحيح فقد أوكلوا الأمر لشركة أجنبية صنفت الموقع على أنه لناشط سياسي وهو محظور فعلا منذ أن وجهت لي الدعوة لحضور مؤتمر رابطة نقاد الأدب الدولية في مدينة تورز الفرنسية قبل سنتين تقريبا.

- هل ينشر موقعك مقالات ممنوعة من النشر في الأردن؟

- أحب أن ألفت نظرك أنه ليس موقعي بقدر ما هو موقع أفكار وتوجهات حركة إبداع. ولقد نشر فعلا ما لا تريد الحكومات الأردنية غير المنتخبة نشره.

- هل من أمثلة؟

- مشروع شارون كما كتبه غاري سوسمان ، ولقاء مجلة فصلية أميركية مع الملك عبدالله ، وربما مقالاتي غير المنشورة في الصحف الأردنية وكتبي التي لم تحظ بموافقة جهات تدعي دعم الثقافة والإبداع مثل الوزارة وأمانة عمان علاوة على كتاب إسرائيل شاحاك " وطأة ثلاثة آلاف عام " وكون موقع حركة إبداع أيضا اهتم بحركة حماس لدى فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. وهكذا وما لا أستطيع سرده من محتويات الموقع من أبرزها المذكرة الأميركية التي تطالب الأردن بإصلاحات ديمقراطية من 22 بندا ، ربما فسرت على أنها تدعو للتهيئة للوطن البديل رغم أن الحكومة قبضت نصف مليار من أجل أو بحجة السعي لتنفيذها لأن الكونجرس الأميركي طالب بها كشرط من شروط تقديم المعونة الأميركية للأردن.

- لماذا لا تستجيب السلطة في رام الله لهذه الضغوط لإبعادك من الأردن إليها بحجة عودتك للضفة مسقط رأسك؟

- رجالات السلطة سواء في الداخل إو في الخارج لديهم معلومات قديمة عني وعن توجهاتي وبالتالي فأنا في نظرهم أردني وليس فلسطينيا فلماذا يجلبون لأنفسهم المتاعب.

- أية متاعب؟

- متاعب الثقافة ، ثقافة الثورة الدائمة والتغيير والمحاسبة ومكافحة الفساد.

- هل من أمثلة؟

- أنا من المطالبين بعودة يهود صفد لصفد فهنالك يهود فلسطينيون وقفوا ضد روتشيلد اليهودي الفرنسي صاحب رأس المال الذي شجع مشاريع الهجرة في وقت مبكر لفلسطين على حساب يهود فلسطين حيث تمت عملية تشتيتهم داخل اسرائيل منذ قيامها مثلما جرى أيضا مع مجموعة ناطوري كارتا اليهودية التي لا تؤمن بقيام دولة لليهود. مثل هذه المعلومات تعتبر ضمن مقاييس التخلف الذي يعاد انتاجه هنا بصيغ وطنية تطبيعا لدرجة لم نعد نفهم ما هو المقصود بالتطبيع. إذا كانت هنالك منظمات أنجزة NGO

فهنالك أنظمة أنجزة تمول علنا من الكونجرس الأميركي .

- بمناسبة ذكرك للتمويل الأجنبي ماهي علاقتك حاليا بمهرجان أيام عمان المسرحية ؟

- جيدة جدا بعد أن تكشف لحركتنا الانتهازيون المنشقون وعلاقتهم بالسفارة الاسرائيلية ، ثم أن نادر عمران خليلي ونصف سيلة الظهر أصولهم من الخليل.

- أقصد هل لا زلت تشكل مشكلة للمهرجان ببعض نقاط الاختلاف معه حول بعض العروض؟

- من الطبيعي الاختلاف وليس التطابق التام بين ناقد وسياسي وبين مخرج وإداري وعموما أنا أكبرسنا من نادر بنحو ثلاث سنوات وأنا الذي يغفر لغيره أخطاءهم الفنية وحتى السياسية لكننا نبحث حاليا صيغة للتعامل بيننا ربما تكون توأمة بين الفوانيس وحركة إبداع كوننا نولي الجانب النظري والإعلامي والنقدي أهمية قصوى في التجسير والتقارب بين الثقافات والشعوب والأديان ولكن بين الطبقات غير ممكن التجسير في الوطن العربي لأننا ليس لدينا بورجوازيات أصيلة تحترم نفسها كما أوروبا والغرب عموما. أصحاب الثروة في الأردن لا تهمهم الفنون ولا يفهمون بها ولا يهمهم المسرح بقدر حساباتهم في البنوك.

- ماذا عن إعادة الهيكلة في الفوانيس ؟

- طالب بها عشرون فانوسا ثم وجدوا صيغة ترضي معظمهم بانتخاب هيئة إدارية جديدة نحن في حركة إبداع كنا نطمح بعودة الجميع لكن وقد عاد من عاد وخرج من خرج فمن واجبنا أن نكمل المسيرة بصيغ الحد الأدنى بحيث نبقى أصدقاء وأقوياء في وجه من يرتدي أقنعة وطنية ليبقي على ملامحنا نحن غارقة في البؤس.

- لم أفهم قصدك هنا.

- ولا أنا (يقهقه كالعادة)

- هل صحيح أن فرقة الفوانيس قدمت شكوى لوزارة الثقافة بقيت في الأدراج ؟

- تقصد على مسرح البلد ؟

- نعم

- يجيبك نادر عمران أفضل حتى تظل حركة إبداع تمتلك حرية الحركة بين الأطراف أو...

- أكمل

- والاتكال على الله مكافحة الفساد

- هل سيكون مصير حركة إبداع التمويل الأجنبي ؟

- ربما ما دام الجميع يحاربنا حتى في لقمة عيش أولادنا وما دامت الأجيال الجديدة تبحث تائهة بين من يحقق لها طموحاتها.

- هل تقصد أن حركة إبداع تتشكل من جيل الرواد حتى الآن؟

- علاقات الحركة الداخلية سرية لأننا من مختلف الديانات والأصول والمنابت والبلدان وبين صفوفنا من لا يحبذون الإعلان عن ولائهم لمستقبل الحركة ومن ضمنهم أقارب لي يتواجدون في أميركا والأردن وفلسطين.

- أنا ليس لدي مانع أن أكون في حركة إبداع

- فلتدفع لنا معونة رمزية (يضحك بحزن

- متى أعلنتم الخطوط العريضة لتوجهات الحركة ؟

- في مؤتمر للمنظمات اليهودية في أميركا وقد جرى تصنيف الحركة آنذاك على أنها من المنظمات غير الحكومية التي ليس مقرها الولايات المتحدة وحدها ضمن منظمات تمت دعوتها واستجابت.

- هل تذكر التاريخ تحديدا متى؟

- حركة إبداع جرى الإعلان عنها في أول صدور لجريدة العرب اليوم الأردنية لكن فكرتها كانت قبل ذلك بكثير منذ أواخر السبعينيات في الكويت ولها علاقة بمشكلات اختلاط الحابل بالنابل في صفوف اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

- ماذا تقصد ؟

- الخطاب الثقافي الفلسطيني المغاير الذي عبرت عنه يعود لمعايشة مبكرة لحرب 67 ونتائجها وهذا ما جعلني غريبا حتى عن أهلي الفلاحين البسطاء والعمال الأنقياء.

- هنالك حركة فتح ومن ثم حركة حماس وقبل ذلك بكثير حركة القوميين العرب فما هو الفهم الثقافي لحركة إبداع وسط هذه الحركات السياسية وما أكثرها؟

- حركية الإبداع عنوان لكتاب خالدة سعيد (زوجة أدونيس) وهو كتاب جيد في حينه. فهمنا نحن ليس فهما سياسيا للحركة. ولا هو مفهوم ديني في الحركة بركة. الحركة لدينا تربط بين الأصالة والحداثة وتؤمن بالتعددية والتعايش والبقاء للاستمرارية وديالكتيك الحياة ذاتها. نؤمن جدا بأهمية الجانب المعرفي لأية مشكلة من جذورها حتى نهاياتها. الوطن العربي غارق بالظلام والديجور والحمد لله. عندما خرجت حماس قلت أن مستقبلها هو فتح ولا زلت مؤمنا بذلك. الفكر الديني تشجعه أميركا منذ القدم وتعمل بغيره. آليات الامبريالية قائمة على النهب المستمر للطبيعة والبشر وبعد كل الموبقات التي ترتكبها تريد من الخالق أن يتدبر لها جنة الخلود أيضا بعد رحيلها. خذ مثلا ستالين وتروتسكي في التاريخ الحديث كمثال على الجانب المعرفي. كاتب الثورة الدائمة لو اتعظ ستالين بأفكاره لما كانت هنالك نازية هتلر ولا الحرب العالمية الثانية وربما لما وجدت إسرائيل.

- هل صحيح أن حركة إبداع تروتسكية التوجه؟

- بل أكيد مع تعديل التوجه لنزعة حتى الآن لأن بعض الأصدقاء لديهم تحفظات على هذه المسألة حيث يوجد على سبيل المثال حزبان في فرنسا يدعيان التروتسكية ونحن لسنا حزبا سياسيا. نحن مجموعة مبدعين ومفكرين ومثقفين لنا دور تنويري حتى الآن ونتفهم طبيعة المرحلة كما نتفهم التاريخ بعمق وشفافية إنسانية عالية.

- هل صحيح أن الدومين لموقعكم اختصار للحركة الوطنية لمناهضة الصهيونية العالمية؟

- لا أستطيع الآن أن أجزم بذلك لأننا نؤمن أن الصهيونية حركة قومية ودينية في الوقت نفسه تنتعش كلما انتعشت الحركات القومية المناهضة لها ونحن لسنا حركة قومية وإلا لوجدتنا مقاولين وتجارا غير مثقفين ولا مبدعين ، عاموس عوز في بعض أعماله تجاوز الصهيونية لأفق عالمي وإنساني رحب وفي بعض أعماله صهيوني حتى العمى. التطور الواقعي سينير له الطريق من بشريته لا من تعصبه لجنس بشري خاص أو دين محدد بعينه.

- لمن تقرأ من الكتاب الإسرائيليين ؟

- عميرة هاس وعاموس عوز ويوري أفنيري وإيلان بابيه وحتى بيني موريس ومن نافل القول الكتاب الكبار مثل يزهار سميلانسكي الذي أحترمه جدا وآخرين لكن ليس لدي ممكنات متابعة شعراء مهمين لا تسعفني الذاكرة بدقة أسمائهم. فوق كل ذلك قبل وبعد الرائع إسرائيل شاحاك.

- بماذا توصي أخيرا؟

- بدفني في سيلة الظهر أكرر وبلمسة تسامح من إلزا التي لم أستطع أن أوفي بواجبي نحوها كأب في الأردن الشقيق. إبنتي المحروم منها ومن مشاهدتها لكثرة ما لدينا من نسخ ستالينية من الرجال والنساء والمؤسسات أهلية كانت أم حكومية فالتخلف سيد زماننا في هذا الشرق أوسط.

Guest Book دفتر الزوار

 

100    99   98   97   96   95   94   93   92   91   90   89   88   87   86   85   84   83   82   81   80   79   78   77   76   75   74   73    72   71   70   69   68   67   66   65   64   63   62   61   60   59   58   57   56   55   54   53   52   51   50   49   48   47   46   45   44

Controversy And Missunderstood By Dr. Omnia Amin

 

TAYSEER NAZMI HAS been writing since he was 20 years old .His early writings caused much controversy when they were published as he was always after the unfamiliar and the improbable ,which he always thought were never out of reach .A lot of fantasy is involved in his... creative writing, but Nazmi is more known as a critic in the literary and cultural field in the Arab World .He has a piercing vision that responds to the effects of life from an angle that needs a special person with a sensitive perception to understand .More often than not he is misunderstood and misinterpreted as he avoids the familiar in search of different shores.Nazmi is a creative writer, a critic and a translator and has several books that are at the moment pending publication.His latest collection entitled A Feast ,Silk and A Bird's Nest published by Al Karmel Press in 2004and sponsored by the Greater Amman Municipality

 

اسباني

 

La controversia y el Missunderstood Por el Dr. Omnia Amin

 

Tayseer Nazmi ha estado escribiendo desde que tenía 20 años de edad. Sus primeros escritos causado mucha controversia cuando se publicaron como era siempre después de lo desconocido y lo improbable, a la que siempre pensé que nunca fuera de su alcance. Mucha de la fantasía está involucrado en su ... escritura creativa, pero Nazmi es más conocido como un crítico en el ámbito literario y cultural en el mundo árabe. Él tiene una visión penetrante que responde a los efectos de la vida desde un ángulo que necesita una persona especial con una percepción sensible de entender. Más información a menudo que no es mal interpretado y mal interpretada como que evita el familiar en busca de shores.Nazmi diferentes, es un escritor creativo, crítico y traductor y tiene varios libros que están en este momento en espera de publication.His última colección titulada Una Fiesta, Seda Y un pájaro's Nest publicado por Al Karmel de prensa en 2004and patrocinado por la municipalidad del Gran Ammán.

 

الماني

 

Kontroversen und missunderstood Von Dr. Omnia Amin

 

Tayseer Nazmi schreibt seit er 20 Jahre alt. Seine frühen Schriften sorgte für viel Streit, wenn sie veröffentlicht wurden, wie er immer war nach dem unbekannten und das Unwahrscheinliche, das er immer dachte, waren nie außerhalb der Reichweite. Viel Phantasie ist beteiligt seine ... Kreatives Schreiben, sondern Nazmi ist mehr als ein Kritiker in der literarischen und kulturellen Bereich in der arabischen Welt bekannt. Er hat eine Vision, Piercing, um die Auswirkungen des Lebens aus einem Winkel, eine besondere Person mit einem empfindlichen Wahrnehmung zu verstehen, muss reagiert. Mehr nicht selten ist er missverstanden und falsch interpretiert, als er die vertrauten auf der Suche nach verschiedenen shores.Nazmi umgeht, ist ein kreativer Schriftsteller, Kritiker und Übersetzer und hat mehrere Bücher, die im Moment stehen noch aus publication.His neueste Kollektion mit dem Titel Ein Fest, Seide und A Bird's Nest von Al Karmel Presse in 2004and herausgegeben von der Greater Amman Gemeinde gesponsert.

 

ايطالي

 

Polemiche e missUnderstood By Dr. Omnia Amin

 

Tayseer Nazmi sta scrivendo da quando aveva 20 anni. Suoi primi scritti causato molte polemiche quando sono state pubblicate, come era sempre dopo la familiarità e l'improbabile, che ha sempre pensato che non sono mai stati fuori dalla portata. Molta fantasia è coinvolto in la sua ... scrittura creativa, ma Nazmi è più conosciuto come un critico nel campo letterario e culturale nel mondo arabo. Ha una visione penetrante che risponde agli effetti della vita da un angolo che ha bisogno di una persona speciale, con una percezione sensibile da capire. Maggiori informazioni spesso di quanto non si è frainteso ed equivocato, come egli evita il familiare in cerca di shores.Nazmi diverse è uno scrittore creativo, critico e traduttore e ha molti libri che sono al momento in attesa publication.His ultima collezione intitolata una festa, di seta e A Bird's Nest pubblicato da Al Karmel stampa in 2004and patrocinato dal Comune di Amman.

 

تشيكية

 

A spor Missunderstood Dr. Omnia Amin

 

TAYSEER NAZMI bylo psaní, protože mu bylo 20 let. Jeho raná díla způsobilo hodně diskuse, kdy byly publikovány jako on byl vždy po neznámém a nepravděpodobné, který si vždycky myslel, že nikdy nebyli v nedohlednu. Hodně fantazie je zapojen do jeho ... tvůrčí psaní, ale Nazmi je znám jako kritik v literární a kulturní oblasti v arabském světě. Má piercing vize, která reaguje na důsledky života z úhlu, že potřebuje zvláštní člověk s citlivým vnímáním pochopit. Více často než ne, že je špatně a nesprávně vyložil, jak se vyhnout známý při hledání různých shores.Nazmi je kreativní spisovatel, kritik a překladatel, a několik knih, které jsou v současné době před publication.His nejnovější kolekci s názvem Hostina, Silk a Ptačí hnízdo zveřejnila Al Karmel Press v 2004and sponzorovaný Greater Amman obce.

 

سويدي

 

Kontroverser och Missunderstood By Dr Omnia Amin

 

Tayseer Nazmi har skrivit sedan han var 20 år gammal. Hans tidiga skrifter orsakade mycket kontroversiella när de publicerades som han alltid efter det okända och det osannolika, som han alltid trott var aldrig anträffbar. Mycket fantasi är inblandade i hans ... kreativt skrivande, men Nazmi är mer känd som en kritiker i den litterära och kulturella området i arabvärlden. Han har en piercing vision som svarar mot effekterna av livet från en vinkel som behöver en speciell person med en känslig uppfattning att förstå. Mer Oftast han är missförstådd och misstolkas som han undviker det välbekanta i jakt på olika shores.Nazmi är en kreativ författare, kritiker och översättare och har flera böcker som just nu pågår publication.His senaste kollektion rätt en fest, Silk och ett fågelbo publiceras av Al Karmel Tryck i 2004and sponsrade av Greater Amman kommun.

 

تركي

 

Tartışmalara ve missunderstood By Dr Omnia Amin

 

Beri 20 yaşında TAYSEER NAZMI yazıyor. Yaşamının ilk yazıları çok tartışmalara ve olan hep dışarı asla ulaşamayacağı sanıyordum olanaksız. Fantezi bir çok yer olduğunu bilmediğiniz gibi o her zaman sonra ne zaman yayınlandı neden Onun ... yaratıcı yazma, ama Nazmi daha Arap dünyasında edebi ve kültürel alanda bir eleştirmen olarak bilinir. O bu anlamak için hassas bir algı ile özel bir kişinin ihtiyaçlarını bir açıdan hayatın etkilerine yanıt delici bir vizyona sahiptir. oku çoğu daha o yanlış değildir ve yanlış yorumlandığı gibi o farklı shores.Nazmi bulmak tanıdık kaçınan yaratıcı bir yazar, bir eleştirmen ve çevirmen ve publication.His bekleyen o anda birkaç kitap son koleksiyonuna sahip olan bir Bayramı, İpek başlıklı ve A Bird's Nest Aksoy Karmel Press tarafından 2004and yılında Amman Büyükşehir Belediyesi sponsorluğunda yayımlandı.

 

روسي

 

Споры и Missunderstood По Доктор Omnia Амина

 

Тайсир Назми Был письменном виде, поскольку он был 20 лет. Его ранние писания вызвали много споров, когда они были опубликованы, как он всегда после незнакомые и невероятным, которую он всегда считал, никогда не были вне досягаемости. Много фантазии, участвующих в его ... литературное творчество, но Назми больше известен как критик в литературной и культурной областях, в арабском мире. Он пронзительно видение, которое реагирует на последствия жизни от угла, нужен специальный человек с чуткое восприятие понять. Подробнее Зачастую он не будет понято и неверно истолкованы как он избегает знакомым в поисках различные shores.Nazmi творческий писатель, критик, переводчик и несколько книг, которые на данный момент в ожидании publication.His последней коллекции под названием "Праздник, шелк и Птичье гнездо "опубликовала" Аль-Кармель в пресс 2004and под эгидой муниципалитета Большого Аммана.

 

يوناني

 

Διαμάχη Και Missunderstood Από το Δρ Omnia Amin

 

TAYSEER NAZMI έχει γράψει από τότε που ήταν 20 ετών. Νωρίς γραπτά του προκάλεσε μεγάλη διαμάχη, όταν από τη δημοσίευσή τους, όπως ήταν πάντα μετά το άγνωστο και το απίθανο, το οποίο πάντα πίστευα ποτέ δεν ήταν μακριά. Πολλές φαντασίας ασχολείται με του ... δημιουργικό γράψιμο, αλλά Nazmi είναι γνωστός περισσότερο ως κριτικός της λογοτεχνίας και πολιτιστικό τομέα στον αραβικό κόσμο. Έχει ένα διαπεραστικό όραμα που να ανταποκρίνεται στις επιπτώσεις της ζωής από μια οπτική γωνία που χρειάζεται ένα ειδικό πρόσωπο μια ευαίσθητη αντίληψη για την κατανόηση. Περισσότερα συχνά από ό, τι δεν έχει παρερμηνευθεί και να παρερμηνευθεί ως αποφεύγει το γνωστό σε αναζήτηση διαφορετικών shores.Nazmi είναι μια δημιουργική συγγραφέας, κριτικός και μεταφραστής και έχει αρκετά βιβλία που είναι αυτή τη στιγμή εκκρεμεί publication.His τελευταία συλλογή με τίτλο «Μια γιορτή, Silk Μια και η φωλιά του πουλιού που δημοσιεύθηκε από το Al Karmel Τύπου στο 2004and χρηματοδοτείται από την ευρύτερη περιφέρεια του Aμμάν Δήμου.

 

الهولندية

 

Controverse en Missunderstood Door Dr Amin Omnia

 

Tayseer Nazmi is schrijven sinds hij 20 jaar oud. Zijn vroege geschriften veroorzaakte veel controverse toen ze werden gepubliceerd als hij altijd was na het onbekende en het onwaarschijnlijke, die altijd dacht hij nooit buiten bereik. Veel fantasie is betrokken bij zijn ... creatief schrijven, maar Nazmi is meer bekend als een criticus in de literaire en culturele veld in de Arabische wereld. Hij heeft een doordringende visie die beantwoordt aan de gevolgen van leven uit een hoek die een bijzonder iemand met een gevoelige waarneming te begrijpen behoeften. Meer wel dan niet hij is verkeerd begrepen en verkeerd uitgelegd als hij het bekende, op zoek naar verschillende shores.Nazmi vermijdt is een creatieve schrijver, criticus en vertaler en heeft verschillende boeken die op dit moment in afwachting van publication.His nieuwste collectie getiteld Een feest, Silk en A Bird's Nest gepubliceerd door Al Karmel Druk in 2004and gesponsord door de Greater Amman gemeente.

Guest Book دفتر الزوار

 

09-11-2007, 20:11

 

من رسالة إلى إيلان بابي

 

تيسير نظمي

 

6/11/2007

 

......يا لفعل الزمن ، الذي يحيل المأساة إلى ملهاة في رام الله المحتلة ، عندما تقف بعد أكثر من ثلاثين عاما من تبني الماركسية الفلسطينية للدولة الديمقراطية العلمانية لتحاضرأنت عام2007 عنها وأمامك من تجاوزوها دون تبني نظري سابق أو لاحق ليكونوا من صناع أو مريدي اتفاق أوسلو، وحل الدولتين ! غير القابل للهبوط على الأرض في غزة.

 

كان المشهد كما وصلني ، تنقصه ضحكة مجلجلة لا يمكن التكهن بنهاياتها غير السعيدة بفضل الحرس "الثوري" عند اللزوم والوجاهة الفلسطينية فاقدة المعنى، وميوعة الزمن الذي جعل انتصار 67 بداية للتمادي في الذهاب إلى الحرب.

 

يا لفعل الزمن الذي جعل من طرحوا من قبلك ذات الطرح قبل ثلاثين ونيف، حين كانت مظلة الاتحاد السوفياتي تظللهم بدفء الاشتراكية الأممي في درجة حرارة عشرين تحت الصفر، وما أن رحل الدفء حتى وجدناهم يدخلون في عباءة اليمين ومظلة النفط الاسلامي حلفاء بين حين وآخر لليسار فاقد الشرعية أوحلفاء لليمين فاقد الأهلية.

 

هل اختلط عليك المشهد والتاريخ كما اختلط عليّ في فيافي التشردين؟ وفي الوقت الذي يمكننا أن نتفق فيه فقط على طلب الرحمة والمغفرة لدون كيشوت في إسبانيا والاعتذار من ضحاياه في الجانبين، يبزغ اللامعنى للسياسي الأقرب للعبث التاريخي الممارس حولك سواء جاء من بيني موريس الذي كان سببا لقرابتنا الفكرية منذ ثلاث سنوات ونيف أم من نسق الانسجام مع الذات الذي وجدت فيه نفسك بعد أكثر من ثلاثين سنة من دفع الضحيتين لكافة التزاماتهما التاريخية،، والتاريخ في النهاية ما هو إلا نتاج الزمن والناس المنتصرين والمنهزمين سواء بسواء. فلم يتح بيني موريس لنا الفرصة لأية قرابة فكرية عندما غادر المأساة ليصنع لنا مأساة أخرى، قائمة، لا حاجة له كي يدعيها ما دامت الأنظمة العربية دؤوبة في حياكتها وبمباركة إن لم تكن "مشاركة" فلسطينية في أعلى مستوياتها تسامحا مع الجلادين داخل إسرائيل أو خارجها في ظل رحابة استضافة الصحراء للبرتقال المقطوف منذ أكثر من نصف قرن عن شجر الحرية،، حرية أن تموت الضحية بإرادتها وعنفوانها قبل أن تعرف ما يطلبه موريس نظير الشفاء أو ما يحدده من سبل العلاج بغير الاستئصال الوجودي،، لم نسأله لا أنت ولا أنا في ها آريتس 2004عن نظريته في علاج دون كيشوت من كتب الماضي ، لأنه مؤرخ محدث وليس شاعرا أو روائيا لسوف نتفق معه في طلب الرحمة لروح الدون... فقد قاتل لما يعتقد، في زمن لا يعتقد ، مما أثار في أجيالنا الضحك من زمنه وليس من شخصه.

 

اليوم ، ولفعل الزمن سطوة القاتل على القتيل، لابد أن نعترف أننا كان يجب أن نتفق على الفهم المشترك لرواية الدون كيخوته وليس على اتفاق مبادئ مدريد التي منها انطلق قطار الملهاة للمنتصر والمأساة للمنهزم والتبادلية السخيفة في أن تتصور الضحية أنها تنتصر حيث تموت دون بارقة أمل بأن يغير أحد صورته لدى الآخر أو يغير الآخر صورته عن نفسه في حضرة الجرافات وريح الحجر.

 

عاموس عوز أيار 67 ليس هو عاموس عوز 2001 أو 2007 لأن الزمن قال له عشية الانتصار المدوي لماذا التعاطف؟ مع هؤلاء البدو الرحل ؟ الذاهبين لفتات موائد جنة عدنهم ونفط الطامعين بتحرير أفغانستان آنذاك قبل غورسالم أو سمها بيت نينورتا لنعيد لملكي صادق مجد الخبز والنبيذ المحرم على الفلسطيني حتى من عنب الخليل.

 

لا شيئ يبدو لي في هذا الأفق جليا سوى دون كيشوت في الجانبين وتبادل كل طرف التعازي بالراحلين بلغتين مختلفتين. فما قيمة أن نقدم تحفة الماضي في تصور الضحية للحل حين يكون المنتصر ضحية انتصاره المستمد من ضعف الآخرين وتقلباتهم؟ فهل وجدت أمامك مبتكري الأطروحة يشاركون جماعة أوسلو مقاعد الحضور أو الفرجة على الأقل أم غابوا في العروبة بشروط أفضل مع انتهاء مواسم الكافيار ونخب الفودكا ليحتسون تمر وبركة ما صنعه اليمين في الجانبين في غير ما مكان أو معتقل !

 

وكيف فاتك ملاحظة أننا شعوب تعشق المستورد بما فيها جلكم ولكنكم لم تتقنوا الانجليزية في وقت مبكر ولم تشفوا على حد تصور موريس من ماضيكم تماما. لم تجدوا من يطالبكم بهذا الشفاء من المؤرخين العرب الذين لم يفرغوا بعد من تحديد أسباب الهزيمة ولا عاينوا بعد أسباب أي انتصار ولو من قبيل استدعاء عنترة ولا أقول الفارس الاسباني الغافل عن تغيرات الزمن.

 

لقد سارع الشباب لتفريغ محاضرتك وأرسلها لي الداعون إليك من الديمقراطيين الجدد في الضفة وغيرهم من ألداء أوسلو ولو كانوا من الذين أسماهم يوري أفنيري بالسمك المملح حتى قبل فوزهم بشهور مدركا هو أيضا كما نحن كيف يتكفل الزمن بالتغيير سلبا أم ايجابا لكنه يبقى تغيير.

 

فالعم الاسباني المشترك لم يحارب الخراف المسكينة وحسب وينهال عليها بالطعنات ، بل حارب طواحين الهواء أيضا ولم يكن في زمنه مدركا لطواحين الشعوب. الرحمة له والعزاء للخراف خرافنا جميعا على أي طريقة تذبح بها وعلى أي مذهب ، فالنتيجة سواء ، ما دامت كاليفورنيا هي كاليفورنيا، ولا تعترف لروائي اسباني بفضيلة سعة المخيلة تماما مثلما تضيق مخيلتنا رغم العلم وتوفر النفط عن تصور إمكانية أن نعيش سوية على هذه الأرض الجرداء من النفط والخيال والكرامة الانسانية.

 

ولأنني مدرك لهذا الزمن اللعين الذي يصنع المأساة في جانب ويصنع في الوقت ذاته الملهاة في جانب آخر قمت بنشر محاضرتك دونما ترجمتها على موقع "أوميديا" من مواقع حركة إبداع، لعلها توصل رسالتها للأطراف جميعا فأختصر المسافة بين الحقيقة والخيال وأوجز في الرواية لفعل الزمن في المآل ،، أي الصيرورة ،، سواء لحركتكم كمؤرخين جدد أو لحركتنا كمتخيلين جدد ،، ناهيك عن الفنون والظنون والمنون فهي حتى اليوم ورغم البشاعة لا توحد،، لكن مشهد صلاة الجمعة الماضية كان هادئا دونما تراشق في رام الله ،،فالجميع متفق على محاربة الدولة الديمقراطية العلمانية وأنا وأنت ودون كيشوت وخرافنا خارج المشهد إن لم نكن خارج هذا الزمن في أفق ما ، في كوكب ما ،لم ينضج بعد كثمرة إجاص أهلكتها الشمس والعصافير الجائعة دونما تغريد.

 

---8/11/2007

 

ستون عاما لا تبدو زمنا من عمر الدولة ؟ ستون عاما لا تبدو زمنا من عمر الديانة؟ لكنها تنجب حروبا ووثائق سرية لم تعد لدى إسرائيل شاحاك الراحل بنبل قل نظيره سوى "أسرار مكشوفة" لدينا ولديك ولدى يزهار سميلانسكي.

 

وضعت هذه الستين عاما للفحص والتأمل علني أمسك بميوعة وفراغ الزمن العربي والفلسطيني على حد سواء ، ولأنه بالمقابل زمنكم الذي تتحكمون فيه بمصائرنا كأنما لم يوجه أرنولد توينبي لكم نصحا ولا نصيحة. فبعد عشرين عاما وهبتم النصر الثاني في الذهاب للحرب الذي دفع بالضحية لابتكار إرادتها الذاتية في صنع موتها على شكل شهادة لم يعترف بها دينيا لأنها لم تكن في سبيل الله ، ولم تكن في أفغانستان آنذاك الضحية مختارة بين الوطن وبين الله . وبعد عشرين عاما أخرى دخل الملحدون بموتنا دين الوطن والعمل الوطني منجزين لأفغانستان حريتها من الاشتراكية والسوفييت لتقدم على طبق من فضة للعم غير الرحيم بضحاياه خلال سنوات معدودة من تفرده بالطغيان وتوزيع المواعظ الأخلاقية على محور الشر. وبعد عشرين سنة من فساد ورثة الضحية سمح الورعون لدينا لأنفسهم أن يرثوا السلطة الحرام ومالها الحرام في غزة من أجل أن تدخلوا في الاسلام من جديد. فلا أنتم دخلتم ولا نحن خرجنا ، لكننا راوحنا بين عروبة لا تكشف سرا أو وثيقة مما اشتغلتم عليه بعد ثلاثين عاما من عزقنا في صحارى العرب والنفط وبين إسلام ممتدة تلاوينه من اندونيسيا إلى غزة هاشم !!

 

ولا حول ولا قوة إلا ....

 

فقد كتب على الشعب الفلسطيني أن يهب طاقاته عشرين عاما لـــ"فتح" تلتها عشرين عاما أخرى لــــ"حماس" وارثة السلطة التي حرمتها عشرين سنة من الإتهام لكأنما جاءت اتفاقات أوسلو من عدم العذابات والأضحيات الموسمية. ونعترف أن لأخوتنا العرب في الأردن ولبنان قصب السبق في جعلكم ترون الجانب المخفي من يهودية هذا الشعب الذي لم يتعلم العبرية بعد رغم إجادة أبناءه لعشرات اللغات ومنها الأوردو ملتبسة القومية بين هند وباكستان الحديثة. لكن الستون عاما الموزعة بالتساوي بين اعتراف العروبة والاسلام لنا بالخيمة وبركات وكالة غوث اللاجئين وعشرون أخرى بحقنا بالموت العلني فداء لتشكيل الطبقات من الكومبرادور الحريص على كل الأسرار أن تبقى غير مكشوفة وبين العشرين اللاحقة من ترميم أسباب هزيمتنا الراجعة لعدم حرصنا على اللغة العربية وتعاليم الدين وصولا لمحاضرتك المفارقة التي لا يتكلم بطرحها للدولة الديمقراطية العلمانية حتى أبناء الجبهة الشعبية منذ سنوات.

 

يا للزمن ... طرحك يا عزيزي في 31/5/2007 في رام الله بات مفرغا من الزمن ،، فقد تحولت الطروحات السياسية والاستراتيجية إلى ما يشبه الشعر الغامض في سياق "الخيار الأردني" الذي طرحه غاري سوسمان قبل سنتين وترجمناه ونشرناه وتم إفراغه أيضا من علنيته ومكشوفية أسراره في كل من الضفة الشرقية التي يدعيها الليكود "الصديق" وغزة التي يتمترس فيها "الاسلام" الشقيق، فلا الغطاء الأخلاقي لليهودية الاسرائيلية بات قائما ولا الغطاء الوطني للإسلام السياسي بات خافيا اليوم في ظل حصار شعبنا في غزة والمنافي من الشقيق قبل الصديق. ترى يا إيلان هل ثمة ثالث يشاركنا هذا الأدب غير القابل للتخيل والكتابة ؟ فإما أنك قد غادرت التاريخ نحو الشعر أو أنني غادرت الشعر نحو التاريخ ،، وهذا ما لن يفعله موريس ولا سوسمان ولا الحكام العرب طبعا الموعودين مع قيادات طاهرة من إثم التفكير بالجنة الأميركية الحلم المفضل لبيبي ولقيادات حماس لدينا ردحا من الزمن وانتشار العدوى للشيوعيين بعد الانهيار الواهم لمن لا يبصرون.

 

الكل أخطأ ، لكن خطأ عن خطأ يفرق، فلا الحاج أمين الحسيني كل فلسطين ولا قاتل رابين كل اليهود، ولا كل الروس ستالين ولا كل اليهود تروتسكي ، لكن من اتفق مع غولدا مئير لم يكن مخطئا إلا في حجم طموحاته بالسلطة وسعة العرش وتلاه ما تلاه من الحكام العرب الذين أضاعوا شعبنا من حيث دغدغوا أحلامه المشروعة بنكبات أقل وحقوق أقل ووجود منقوص من الأرض والحرية ، بالنسبة لكم كان الانتقاص من كينونته بالجملة وبالنسبة لهم كان بالمفرق، وبالنسبة لكم كان بالقوة والشجاعة المدعومة دوليا وبالنسبة لهم بالخسة المتواطئة جبنا ومرابح طبقية لكأن المخيمات هي الثروات الوحيدة للأنظمة العربية كي يجري الرهان عليها ، الرهان الوطني المزعوم والرهان التجاري المأمول من بشائر التصفية والتعويض ، فلم يعد حلم الدولة الديمقراطية العلمانية سوى رؤية شعرية طوباوية لبضعة حكماء أو لبضع كهنة تائهين في الزمان والمكان. الرحمة لدون كيخوتة والغفران ،الرحمة للماضي وعليه والرحمة لمستقبل هلت بشائره بالسعار التجاري والانتحاري وما لا نتوقعه رغم النظرية العلمية من حروب واختراعات نحث الخطى نحوها واهنين ، أنتم من ثقل الدبابة ونحن من ثقل اليأس والحاجة.

 

 

10 شباط (فبراير) 2010

 

أين أدب المقاومة؟

 

د. ثائر دوري

 

في عام 1987 اندلعت انتفاضة أطفال الحجارة وبعدها اندلعت انتفاضة شعرية مواكبة تؤرخ لهذا الحدث التاريخي غير المسبوق، الذي ضخ دماء جديدة في شرايين الأمة التي توهم بعض السطحيين، الذين ينخدعون بالمظاهر أنها أصيبت بالتصلب نتيجة الشيخوخة، فأثبت أطفال الحجارة أن الأمة طائر عنقاء ينهض كل مرة من بين الرماد، أو كأن الأمة  تستعيد قول شاعر العروبة الخالد المتنبي:

 

كم قد قتلت وكم قد مت عندكم

 

ثم انتفضت فزال القبر والكفن

 

قد كان شاهد دفني قبل قولهم

 

جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا

 

وإذا كان بعض تلك القصائد، التي سميت "قصائد الحجارة"، ركيكاً، فإن بعضها كان على مستوى عال وأرخ فنياً لتلك اللحظة التاريخية كقصيدة نزار قباني الشهيرة على سبيل المثال لا الحصر، لكن لحظة 1987 التي اشتكى البعض منها لتدني المستوى الفني، وغلبة المضمون على حساب الشكل الفني، وانزلاق بعض القصائد لتصير خطاباً سياسياً مباشراً. هذه اللحظة لم تتكرر ثانية، فبعد عام 1987 انفرط عقد الإتحاد السوفيتي، ثم حطم الأمريكان العراق، وجاءت اتفاقية أوسلو، فتحول كثير من الكتاب والمفكرين من الفكر الماركسي والقومي إلى ما سموه "الليبرالية"، ثم إلى مسخها "الليبرالية الجديدة". بعضهم فعل ذلك تحت ضغط الهزيمة العالمية والقومية واليأس وفقدان الأمل بالتغيير، وآخرون بدّلوا البندقية من كتف لآخر لأسباب انتهازية محضة، فالأمريكان وأدواتهم في المنطقة وضعوا يدهم على سوق الصحافة والنشر في الوطن العربي والمهاجر.

 

بدأت تمر الأحداث التاريخية الكبيرة دون أن ينغمس المبدعون فيها، فرأينا العدوان الأمريكي على العراق عام 1991، ثم اندلاع  إنتفاضة الأقصى عام 2000، وأخيراً وليس آخراً العدوان والغزو الأمريكي على العراق عام 2003، وما تلاه من صفحة مقاومة جعلت الحرب التي خطط الغزاة لجعلها خاطفة وسريعة تستمر حتى اليوم أي سبع سنوات كاملة لكن دون مواكبة فنية كافية.تشكل الحرب لحظة فارقة في حياة الشعوب، ففيها تختل كل أنظمة الحياة و القوانين والأخلاق. في الحرب يصبح الموت هو القاعدة والحياة هي الاستثناء، فيفقد هيبته كما عبر أحد الشعراء الشعبيين العراقيين "لكثرة ما يروح ويرجع الموت، ما ظلّت بعد للموت هيبه"! الموت في حالة الحرب لا يعود موت الآخرين كما يفكر الإنسان السوي في حالة السلم، بل يصبح موت الذات، كما يشرح فرويد الذي خصص كتاباً كاملاً لشرح سيكولوجية الناس أثناء الحروب " أفكار لأزمنة الحرب والموت". وهذا التبدل في النظرة نحو الموت يتبعه انقلاباً سيكولوجياً هائلاً في الشخص، فتتبدل شخصيته و نظرته للحياة، كما أن البنية الطبقية والاجتماعية المنضدة بدقة خلال عشرات و أحياناً مئات السنين تنهار تحت قصف المدافع، فيصعد أناس و يهبط آخرون، وتتبدل القيم الاجتماعية،فتنهار قيم لتحل مكانها أخرى جديدة، بعض الناس يستوعبونها وآخرون يشعرون بالغربة نحوها، لذلك تٌعد الحروب منجما لا ينضب للقصص والحكايات ولتنوع الشخصيات فهي توفر مادة فنية ضخمة يبحث عنها المبدع الحقيقي لكتابة أشعاره وقصصه ورواياته.لقد عرف التاريخ شعراء وكتاباً بنوا مجدهم الأدبي على هذه اللحظة الفارقة في تاريخ الشعوب، ونذكر  في هذا السياق زهير بن أبي سلمى والحرب التي وصفها في معلقته الشهيرة، كما المتنبي وتأريخه لحروب سيف الدولة، وكذلك الشاعر أبي فراس الحمداني.وكتب تولستوي أهم أعماله الأدبية عن الحرب سواء الحرب العالمية الأولى، أم حروب القوقاز، كما كتب همنغواي عن الحرب الأهلية الاسبانية، وبنى لوركا جزءاً من أسطورته عبر مشاركته في تلك الحرب وتصفيته بالطريقة الوحشية المعروفة. وبقيت أعمال ميخائيل شولوخوف عن الحرب الأهلية الروسية بين البيض والبلاشفة علامة فارقة في تاريخ الأدب الروسي. وهنا نكتفي بمجرد ضرب الأمثلة لأنه لا مجال للتعداد. تقول المقولة الشهيرة إن الحروب تنتج أغنياء، وأيضاً: شعراء، ومغنين، وكتاباً.مر على بدء صفحة الغزو الأمريكي للعراق وحرب الأنصار التي اندلعت بعد ثلاثة أسابيع من الحرب النظامية عام 2003 وحتى اليوم سبع سنوات إلا نيف. وهي فترة زمنية أطول من مدة الحرب العالمية الثانية. وإذا استعرضنا الأرقام الخاصة بهذه الحرب لاكتشفنا ضخامتها فقد استُشهد مليون ونيف من العراقيين، وسقط عشرات الآلاف بين قتيل و جريح من الأمريكان. كما شارك مليوني جندي أمريكي منذ عام 2001 في حربي العراق وأفغانستان ومنهم حوالي 800 ألف أُرسلو إلى ميادين القتال أكثر من مرة. وهُجر أربعة ملايين عراقي عن أماكن سكناهم، كما بلغت تكلفة المجهود الحربي الأمريكي تريليونات الدولارات، وعُدت هذه الخسائر سبباً أساسياًَ من أسباب الأزمة الاقتصادية الأمريكية. لقد غيرت هذه الحرب ميزان القوى الدولي لصالح القوى الصاعدة على حساب الولايات المتحدة، فرأينا تبدلات في العلاقات الدولية تشير إلى بزوغ عالم متعدد الأقطاب.إن ما سبق ذكره يشير إلى أن الحرب التي يشهدها العراق هي حرب عالمية بأدواتها ونتائجها. وأمام حرب عالمية كهذه استطالت سبع سنوات ألا يحق لنا أن نتساءل أين الإبداع الفني والأدبي المواكب لها؟ وإذا وسعنا الصورة قليلاً لوجدنا أن مساحة المشرق العربي تشهد هي الأخرى حروباً صغيرة وأحياناً كبيرة، وبالتالي فإن حوالي سبعين مليوناً من السكان يعيشون في أجواء الحرب أو التهديد بها، فهم إما ساكنون على الجبهة أو في خطوطها الخلفية، وقد تمتد الجبهة نحوهم في أية لحظة، وفي كل الأحوال فإن أكلهم، ومعاشهم، وزواجهم، وإنجابهم، ومجرد بقائهم على قيد الحياة مرتبط بهذه الحرب ونتائجها. فأين الإبداع الفني: شعراً، ونثراً، وغناءً؟

 

مشغولون بضرب المزاهر عن قرع الحوافر

 

في محاولة للإجابة عن سؤال كبير "أين أدب المقاومة" الفلسطيني كتب الكاتب أسامة العيسة مقالة مميزة في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 16 يناير 2008 العدد 10641. يرصد  الكاتب ظاهرة غريبة عند الأدباء الفلسطينيين. يقول:"منذ مدة ليست بالقصيرة، تحول مصطلح «أدب المقاومة» إلى شيء كريه يجب تجنبه بالنسبة لأجيال أدبية فلسطينية مختلفة، حتى أن من أطلق عليهم في الستينات «شعراء المقاومة»، وبنوا شهرتهم على ذلك باتوا يتهربون من التصاق هذا الشعر بهم، مثل محمود درويش، الذي يواصل تألقه الشعري بعيدا عن أية قوالب، ومثل سالم جبران، الذي توقف عن قرض الشعر. هذا عدا أن بعض من أطلق عليهم «شعراء المقاومة» لهم خياراتهم السياسية، التي قد تكون بعيدة كثيرا عن المفهوم التقليدي والشائع عربيا لما يسمى «أدب المقاومة»........".وامتدت ظاهرة القرف من "أدب المقاومة"، وإدارة الظهر لآلام الشعب الفلسطيني الذي يقاتل، ويتشبث بالأرض، ويَسطُر منذ مائة عامة ملحمة مقاومة عز نظيرها في وجه آلة عسكرية جبارة، وفي ظل تآمر عربي رسمي ودولي على هذا الشعب الذي يستحق اسم شعب الجبارين، وما ملحمة الأنفاق التي يسطرها هذا الشعب في غزة إلا مثل واحد لا يستنفذ الموضوع، ولو أن أديباً شاعراً أو كاتباً التقط هذا الفعل المقاوم الذي يقترب من الإعجاز لأنتج فناً أدهش البشرية. امتدت هذه الظاهرة (ظاهرة القرف وإدارة الظهر لآلام الشعب) إلى مثقفي الوطن العربي، فرأينا بعض من أطلق عليهم شعراء المقاومة في لبنان يتنصلون من هذه التسمية، بل اعتبرها أحدهم شتيمة، وعبر عن امتعاضه الصريح عندما ذكرتها أمامه أواسط التسعينات في صدفة جمعتني به. يفسر الكاتب أسامة العيسه ذلك بالقول:"وفسر أحد الكتاب اليساريين ذلك، بالإشارة، إلى أن الكتاب والنخب الثقافية المحسوبة على اليسار، ومن بينها الجبهة الشعبية، وجدت نفسها في المنظمات غير الحكومية، ورهينة للمانحين، الذين يفضلون أعمالاً أدبية وفنية وأفلاما تسجيلية وأبحاثا ونشاطات، تتعلق بمواضيع مثل الجندر، ونشر الديمقراطية، وتمكين المرأة، وغيرها من عناوين عامة، ضمن اجندة لا يمكن أن يكون الحديث عن المقاومة، مجرد حديث، ضمن اجندتها".وما كتبه أسامة العيسه عن الساحة الفلسطينية يمكن تعميمه على مساحة الوطن العربي، كما يمكن أن يصلح أساساً لتفسير غياب أدب المقاومة عن الساحة الأدبية في المشرق العربي. ويلاحظ  السيد طه المتوكل رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين أنه "في العقد الأخير من القرن العشرين تأثرت التجربة الإبداعية في فلسطين بثلاث زلازل أثرت على خطابنا الثقافي والاجتماعي، ويتعلق الأمر بانهيار الإتحاد السوفياتي وماله من تداعيات على حركات التحرر، حرب الخليج الثانية التي انتصرت فيها القطرية على القومية بالإضافة إلى زلزال مدريد وأوسلو. وما اكتشفته خلال الدراسة التي قمت بها على الكتابات الشعرية التي جاءت بعد ” أوسلو” هو أن معظم الشعراء الشباب اتجهوا إلى الهامشي والذاتي، حتى الشعراء الكبار على غرار محمود درويش وسميح القاسم أصابهم ما أصاب الشعراء الشباب" (حديث للإذاعة الجزائرية).

 

وما لم يقله المتوكل أن ذلك تم استجابة لشروط المانحين الذين خلقوا جواً عاماً يستحيل تجاهله على من يبحث عن الاعتراف. وهو ما يقوله العيسه:"استنكاف الكتاب في فلسطين عن خوض غمار الكتابة عن المقاومين، هو خشيتهم، من «طردهم» من زمر الأدباء والفنانين المكرسين، الذين ينعتون أي كاتب يمكن أن يكتب عن الوطن بـ «الوطنجي».وفي مثل هذه الظروف، فإن عشرات من الكتاب يكتسبون اعتراف الآخرين بهم بصفتهم كتابا، حتى لو كان رصيد الواحد منهم مقطوعات نثرية تتضمن مفردات رائجة، مثل الجسد، والايروتيكا، والنبيذ، والمرأة، والمدينة..الخ، في حين أن أي أديب موهوب سيعيش ويموت مغمورا، إذا خاض الغمار الصعب وعبر عن نفسه، مثل الشاعر حسنين رمانة، الذي لا يرد ذكره أبداً كشاعر، لانه ببساطة جعل من حياته وقصيدته شيئاً واحداً".فإذا وسعنا دائرة البيكار لتشمل مساحة المشرق العربي، الذي يعيش منذ سبع سنين حرباً مستمرة، بعضه يعيش على الجبهة وآخرون في الخطوط الخلفية، لكن الحرب مست حياة الجميع،كما قلنا، فلن تجد كبير اختلاف ويمكنك أن تدخل إلى أي مكتبة كبيرة في بيروت وتخرج منها بحمولة شاحنة صغيرة  من روايات الايروتيكا و الجسد والنبيذ والشذوذ الجنسي (الذي بات بعض المثقفين يستنكف تسميته شذوذاً لأن هذه التسمية بعرف المانحين الغربيين عبارة غير ديمقراطية، إلغائية) وجلها لكاتبات. لكن لا تبحث عن روايات تناقش تجربة الحرب لأنك لن تجد (على حد علمي) سوى رواية إنعام كجه جي " الحفيدة الأمريكية "، ومجموعة قصصية لكلشان البياتي، والأخيرة نشرها الناشر ليس بصفتها من أدب الحرب أو المقاومة إنما ضمن سلسلة أدب نسائي، فمرت.

 

فإذا أبديت امتعاضك من انتشار الإيروتيكية والإهتمام بالجسد بهذا الشكل ردوا على الفور بتذكيرك بالتراث:"رجوع الشيخ إلى صباه"، والنفوشي، وببلاط هارون الرشيد، وخمريات أبي نواس، و غيرها من الكتب التي أغرقت دار نشر شهيرة السوق بها في أعقاب تحطيم العراق على يد الأمريكان عام 1990 (هل كان هذا الإغراق عفوياً؟)، ثم قدموا أنفسهم استمراراً لذلك التراث الذي لم يكن يخجل من تسمية الأشياء بمسمياتها، كما يتبجحون، وبعدها يبدون امتعاضهم من تراجع مساحة الحرية والتسامح في الفكر العربي المعاصر تحت ضغط الأصولية. متناسين أن وظيفة وأدوات شاعر يقرض الشعر في بلاط هارون الرشيد، الذي كان يحكم العالم من الصين إلى بواتييه، لا تصلح لشاعر يغوص أبناء أمته في الوحل، وتتداعى على أمته أمم الأرض كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فما يصلح فنياً وأخلاقياً وإنسانياً لكتاب بغداد في ذروة مجدها لا ينفع لكاتب يعيش شعبه تحت القصف والنهب وتخب الجيوش المحتلة في أراضيه.قالت العرب: لكل مقام مقال. فهل يعقل أن تدخل إلى مجلس عزاء وتبدأ برواية ما تحفظه من نكت وأحداث طريفة! أو أن تحدث المجموع عن مغامراتك الجنسية! وبالعكس هل يمكن أن تذهب إلى عرس فتغني لهم من بكائيات أديب الدايخ. في الحالين سيكون مصيرك الطرد والضرب. وهنا أقول لكم و على مسؤوليتي الشخصية: أرجعوا بغداد، أو القدس، أو دمشق مركز الكون واكتبوا ماشاء لكم عن تجاربكم الايروتيكية. اكتبوا مجلدات عن رجوع الشيخ إلى صباه.دُعي سيف الدولة إلى حفلة فاجاب على الفور "مشغول بقرع الحوافر عن ضرب المزاهر".

 

ثانية أين أدب المقاومة؟

 

قيل الكثير في مشروع المحافظين الجدد الذي بدأ التحضير له في عقد التسعينات قبل أن يستولي على السلطة عام 2000م. وككل المشاريع الكبيرة في التاريخ سواء كانت سلبية أم ايجابية، خيرة أم شريرة، لابد لها من غطاء ثقافي، فالمصالح الإقتصادية والسياسية كالبشر لا تمشي في الشارع عارية. بل تتجمل بالملابس والمكياج وقصة الشعر. ومشروع المحافظين الجدد،الذي بدأ التحضير الجدي له في عقد التسعينيات من القرن العشرين، لا يشذ عن هذه القاعدة، وبما أنه مشروع كوني فهو بحاجة لمثقفين من كل الديانات والأعراق والقوميات، وقد استطاع أن يقيم مرتكزات له في كل بقعة من بقاع الأرض لأسباب يطول التفصيل بها، لكن يمكن الإشارة إلى إغراء نمط الحياة الأمريكي على البشر من كل عرق ولون، وجاذبية الوهم وليس الحلم الأمريكي وقدرة هوليود على تسويقه، وأيضاً الفراغ الايديولوجي بعد انهيار الإتحاد السوفييتي الذي كان يجسد بشكل أو بآخر حلماً من أحلام العدالة و المساواة بين البشر. وفي تفصيل خاص بالمنطقة العربية نجد أن تدمير العراق لعب دوراً كبيراً. وأخيراً الأسباب الانتهازية.جند المحافظون آلاف المثقفين من كل الجنسيات والأعراق والديانات لخدمة مشروعهم الكوني الذي لم يكن يتجمل بهم لأنه مشروع مفضوح، بل كان يكذب بهم "لا أتجمل بل أكذب" فبول وولفيتز كان صريحاً في اجتماع أجراه في واشنطن مع مثقفين عرب أواسط التسعينات حين سأله أحد المثقفين العرب عن الديمقراطية التي يريدون نشرها في المنطقة، فرد عليه بول وولفيتز بالقول: إنهم ليسوا مع الديمقراطية بالمطلق، فهم ضدها إذا أدت إلى الإضرار بأمن النفط، وبمصالح اسرائيل، وإذا أدت لصعود الأصوليين.

 

كما أن المحافظين الجدد لم يكونوا يخفون عدائهم لقيم الثورة الفرنسية المتمثلة بالإخاء والمساواة، وأيضاً لفلسفة عصر الأنوار، التي تشيد بالعقل البشري وتعتبره قادراً على معرفة الكون لأنهم يتبنون فلسفة نقيضة تقول باللامساواة بين البشر، وحتمية الفروق، ويرجعون ذلك لأسباب بيولوجية، فالفقير فقير لأن مورثاته منحطة، وشعوب العالم الثالث متخلفة لأن ثقافتها وتكوينها البيولوجي لا يستوعبان التطور. كما أنهم معادون للعقل البشري، فهم يعتبرون أن الكون غير قابل للمعرفة، وهذه الفكرة تحديداً تجدها تتردد في أحاديث كثير من الروائيين والشعراء الجدد ليبرروا بها انشغالهم بالذاتي الضيق المعزول عن أي بعد اجتماعي (هل هناك ذاتي معزول عن بعد اجتماعي!) " كتابة ما بعد الحداثة عموما تشكك فى قدرة العقل البشري على كشف الواقع بشكل كامل. كثير من الكتاب الجدد لا يسعون لتغيير الواقع و لا يرغبون في محاكاته، بل يحاولون فقط نقل حيرتهم المعرفية أمامه. الوجود بالنسبة لمعظمهم هو وجود إشكالي، هش، ومراوغ. والواقع نفسه غير منجز أو بالأحرى غير متفق عليه، فهو ليس فقط ما نراه بأعيننا ونعيشه بوعينا، بل هو أيضا جماع أحلامنا وكوابيسنا وهلاوس لاوعينا." (الروائية المصرية منصورة عز الدين – السفير الثقافي الجمعة 25-12- 2009 ).كان العَقد المبرم بين المحافظين الجدد و المثقفين من شتى الجنسيات والعراق والديانات  خاصة من العرب عقداً نصوصه واضحة يدعو للكذب لا للتجمل، فالمحافظون الجدد لا يبحثون عن التجمل لأن بشاعة ايديولوجيتهم وتجسيداتها الواقعية لا يمكن تجميلها بلباس أو مكياج و قد خبرناها على أرض الواقع. واستجابة لشروط العقد وجدنا يسارياً سابقاً يتغنى بالفجر البازغ من الفلوجة المقصوفة بالفوسفور الأبيض.إن وظيفة المارينز الثقافي في هذه الحالة مثل وظيفة البالونات الحرارية التي تطلقها الطائرات الحربية حين تتعرض لصواريخ أرض جو التي تنجذب للحرارة، فبدل أن يذهب الصاروخ إلى هدفه الحراري الأصلي، الطائرة المقاتلة، فيصيبها. يتم تشتيته بهذه البالونات ليذهب إلى أحدها. بدل أن يتجه جهد لشعوب لاسقاط لمشروع الاستعماري للمحافظين الجدد يطلق هؤلاء المثقفون بالونات حرارية مثل: الجندر، وحرية الجسد، والايروتيكا............الخ. أو يمكن تشبيههم بساتر دخاني يحاول حجب الشعوب عن رؤية الحركات الحربية للمحافظين الجدد.يقول الكاتب العراقي سلام عبود:"أن المهمة الأساسية العاجلة لجهاز مساندة مشاريع الإحتلال تتمثل في إيجاد بؤر موثوقة (مشتراة)، هدفها إقامة منظومة ثقافية، تقوم بمهام التصدي الفوري لكل ما يعترض طريق مشاريع الاحتلال الحربية والسياسية..........وعلى الرغم من أن المشروع السياسي والثقافي الأميركي لا يملك موطئ قدم قديم وثابث في العراق، إلا أن السنوات التي سبقت غزو العراق شهدت حركة متسارعة لتجميع المريدين لهذا المشروع. وقد أسفر هذا السعي عن إنشاء مواقع عديدة في صفوف المثقفين، من خلال بعض الصحف ومراكز الأبحاث والهيئات السياسية والاجتماعية والأفراد....".1

 

وفي مكان آخر يقول الكاتب:"مع تدفق القوات الأجنبية على العراق تدفقت معها مقالات الكتاب العاملين في جهاز الإعلام الأميركي، وسار خلفهم وأمامهم وبين أرجلهم عدد لا يستهان به من المواهب الجديدة، ممن ولدوا فنيا على دوي قصف الطائرات........".2

 

ويتابع:

 

"عدّة هذا الفريق محددة ومقننة: الصراخ دفاعا عن الأعمال الحربية، الدعوة الى دك المدن، تبرير عمليات استباحة الأحياء والشوارع، تمجيد دور "الشرطة الوطنية"و"أجهزة الأمن والاستخبارات" في الكفاح من أجل الديموقراطية وبناء الثقافة الحرة، زرع مفاهيم التحلل السياسي والنفسي والاجتماعي والأفكار العدمية تحت شعار النفعية السياسية ونظرية "كل ما هو مربح مشروع وأخلاقي"، تمجيد أعمال الاعتقال وهتك الأعراض، التهليل لمشاريع مد الحرب الى دول الجوار، تمجيد عناصر القوة الطائفية والعرقية والعشائرية، التحريض على قتل وقمع الصحافيين والإعلاميين الذين لا يناصرون سياسة الاحتلال، التستر على أعمال النهب الثقافي والاقتصادي، حماية ظهور الغزاة."2وبدل المثقف المقاوم والكاتب المقاوم والشاعر المقاوم حصلنا  بتعابير الكاتب سلام عبود على المثقف والشاعر والكاتب الكونكرتي.إن شخصيات الكتاب والمثقفين في دراما العراق واضحة وضوحا مؤلماً بحكم أنها الجبهة الأساسية للحرب لكنها ليست كذلك في الخطوط الخلفية فهي ممددة بماء الحياة، لكن ما إن يدخل أحدهم في الدراما العراقية حتى يجف الماء الذي يمدده ويصير واضحاً. وأنا أعتقد ان أهم حدث كشف حقيقة الوسط الثقافي هو علاقة هؤلاء الأشخاص بأحد متعهدي الإحتلال الثقافي، الذي ينظم مهرجاناً سنوياً في العراق، ففي عام 2005 – 2006 اضطر الغازي الأمريكي للزج بكل احتياطياته العسكرية والسياسية والثقافية كي يكسب المعركة التي ما زال يعتقد أنه يقدر على كسبها، فرأيناه ينشأ فرق الموت في العراق، ويشن حرب إبادة على المدن العراقية المقاومة مستعيناً بالنموذج الذي طبقه في الفلوجة، ويوقظ خلاياه النائمة، كما استعان بالكيان الصهيوني ليعدل الميزان العسكري الذي اختل في المنطقة لغير صالحه عن طريق الجبهة اللبنانية، وأيضاً استنفر جبهته الثقافية طالباً من الجميع أن ينفذوا ما اتفق معهم عليه منذ أواسط التسعينات، وكان هؤلاء المثقفون ما زالوا مؤمنين بقدرة المحافظين الجدد على الفوز بالمعركة فهبوا لنجدته بذريعة  مهرجان ثقافي في أربيل علّهم يجملون المشروع الإحتلالي. وتنطح شاعر كان وما زال يرأس القسم الثقافي في جريدة ولدت مع المقاومة الفلسطينة في سبعينيات القرن الماضي واعتاشت على هذا الخط  لإلقاء كلمة باسم المثقفين العرب ليعلن سعادته بأنه يطأ أرض العراق المحتل. يقول:"هذه أول مرة أطأ فيها ترابا عراقيا وأنا سعيد لأن انتظاري كوفئ اخيرا وها انا الان من هنا...".كأن هذه العبارة قالها أحد الجنرالات من صقور المحافظين الجدد.

 

كل الحروب ينتج عنها جواسيس وعاهرات ومتعاملين مع المحتل. لكن المفاجيء كان حجم الحشد الكبير الذي تواجد في أربيل وقيل يومها إن عددهم ثمانمائة مثقف يتوزعون بين كاتب، وشاعر، ومثقف، وصحافي، وناشر. وهؤلاء يملؤون صحافة ودور النشر البيروتية وغيرها من العواصم العربية والمهاجر. والمجتمعون في أربيل هم من يحدد ما يصلح للنشر في الصحف وفي دور النشر وما لا يصلح، وهم الذين يضعون المعايير الفنية، فيحددون الرواية التي تستحق النشر، والقصيدة الجيدة، ومن هو المثقف، ومن هو المفكر....الخ. هؤلاء الذين اجتمعوا في أربيل يسيطرون سيطرة شبه مطلقة على عالم الصحافة والنشر في العالم العربي. فهل نتوقع أن نقرأ في المنابر التي يسيطرون عليها أدباً مقاوماً!ولم يقتصر الأمر على التعامل المباشر مع المشروع الاحتلالي كما حدث في مهرجان أربيل، بل إن الأمر أكثر تعقيداً بكثير، فهناك النشاطات والندوات التي تمولها المراكز الثقافية الغربية المختلفة، وبعضها لدول ليس لها سمعة استعمارية سيئة  مثل الدول الاسكندنافية، وهي في التحليل النهائي لها وظيفة في استراتيجية الاختراق والسيطرة الأمريكية. وهناك صناديق مالية تمول المشاريع الثقافية لها وجه عربي لكنها من الباطن ممولة من مؤسسات غربية، وأيضاً مؤسسات مانحة امريكية. وهذه المراكز الثقافية، والصناديق، والمؤسسات المانحة الأمريكية تمول مشاريع نشر، وندوات، ومهرجانات، وتُنشأ جوائز أدبية لكن بشروطها الخاصة الناعمة، فهي على سبيل المثال قد لا تطلب منك أن تشتم المقاومة أو تشيد بالاحتلال كما فعل المشاركون في المهرجان الأربيلي. إنما تطلب منك أن تتكلم عن مواضيع محددة، فهي تمول نشر سلسلة للأدب النسائي، أو تقترح على دار نشر ما أن تنشر اعمالاً لكتاب غربيين محددين، وهؤلاء بالتأكيد لن يكونوا من نقاد الحضارة الغربية أو المعادين لمشاريع الاحتلال والنهب الامبريالي، فعلى سبيل المثال لن تمول السفارة الكندية أبداً ترجمة كتاب للكاتبة الكندية نعومي كلاين. ولن يمول المركز الثقافي الفرنسي نشر كتب غارودي......الخ. وعلى أية حال بلغ الإفساد الأمريكي لذمم الكتاب والصحافيين حد دفع رشى مباشرة كما في فضيحة شركة لينكون غروب التي كانت تنشر قصصاً إيجابية، و رسائل موالية لأمريكا في وسائل الإعلام العراقية بميزانية تقدر بـ 30 مليون دولار. إضافة إلى إعلانات  من نفس النوع في بعض المحطات الفضائية العربية.

 

وفي المحصلة يتم إنشاء جو ثقافي وهمي لا يعبر عن الواقع بأي شكل من الأشكال، ويتم إنشاء طلب على ما ينتجه مثقفو الإحتلال، لأن القانون الرأسمالي  التقليدي الشهير الذي يقول "العرض تابع للطلب"، والذي يتبجح به كل منتجي الرداءة في العالم العربي، ويجد تعبيره في العبارة المصرية الشهيرة "الجمهور عاوز ده"، واستخدمته قبل أيام إحدى الناشرات اللبنانيات في دفاعها عن رواية ايروتيكية نشرتها دار نشرها، التي لا يكف صاحبها الآخر عن نشر المقالات المؤيدة  للمقاومة  في حين أنه منخرط بنشر الروايات الإيروتيكية وتعتبر دار نشره معقلاً لروايات الاستشراق النسوية. أليس هذا شكلاً من الفصام بين القول و الفعل! هذا القانون يتوقف عن العمل و ينعكس في ظروف الرأسمالية الاحتكارية فيصبح "الطلب تابعاً للعرض" فإنتاج السلعة وعرضها يخلق الطلب عليها، وهذا هو سر الطوفان الإعلاني الذي يعاني منه العالم المعاصر، فأنت لا تحتاج السلعة لكن الإعلان المتكرر عنها يجعلك تطلبها، ويقنعك انها ضرورة من ضرورات الحياة. وهذا ما يحدث في عالم الثقافة فالإعلان عن جوائز أدبية معروف مسبقاً أن الرواية التي تطمح للفوز يجب أن لا تتكلم عن الاحتلال، وأن لا تكون عن المقاومة (أي لا تكون قومجية أو وطنجية بتعابيرهم)، وأن فرصتها تكون كبيرة إذا كانت ايروتيكية، أو مفصلة حسب المقاييس الغربية المطروحة في السوق بما تتضمن من تصغير القضايا الكبيرة وتكبير القضايا الصغيرة،فتصبح الكتابة عن الجندر أهم من الكتابة عن فلسطين، والكتابة عن قضايا الشاذين جنسياً بدعوى الكتابة عن الهامشي أهم من الكتابة عن المهمشين اجتماعياً وسياسياً. و لأن العالم غير قابل للفهم - كما يقولون - تصبح كتابة التهويمات التي لا توصل أي فكرة للمتلقي هي المطلوبة، وأخيراً وليس آخراً هناك وصفة للرواج التقطها كتاب عرب من هوليوود التي تقدم كل عام إحدى جوائز الأوسكار لفيلم يدور عن الهولوكست أو يضم شخصية اليهودي الطيب.التقط هؤلاء الكتاب وصفة النجاح هذه من هوليوود فصاروا يقحمون في رواياتهم شخصية اليهودي الطيب.إن الطلب المتزايد بفعل العرض و الترويج الكثيف على هذا النوع من الروايات والشعر يوجه أنظار الكتاب الشباب إلى هذه الوصفة،فيدربون ذهنهم وقلمهم، وتتبلور رؤيتهم للعالم للكتابة بطريقة محددة وفق الوصفات المطروحة بالسوق. وإذا حدث وكتب أحد الكتاب رواية أو قصة بوصفة غير تلك الوصفة المطروحة في السوق، فسمى الاحتلال احتلالاً، وسمى ما يجري في العراق غزواً وليس تحريراً. ولم يكن يؤمن بانتهاء السرديات الكبرى، وكان يؤمن بقدرة العقل على معرفة الكون، فكيف سينشرها إذا كان أغلب دور النشر تنشر بتمويل غربي وفق وصفات محددة ذكرناها، ثم هل سينشر  رئيس الصفحة الثقافية، الذي سمى الاحتلال تحريراً، خبراً عن روايته، أم هل سينشر مراجعة لها؟ وإذا استطاع نشرها فهل سيجد ناقداً من الذين ذهبوا إلى المهرجان الأربيلي يراجعها ويقدمها للقاريء!

 

من أين سيمر أدب المقاومة في هذه الأجواء؟

 

كما في قانون الحياة الخالد الذي يعبر عنه راوؤل كاسترو بكلمته الشهيرة: "بحزب بدون حزب لا يمكن للثورة أن تنتظر" فكذلك نقول: بمثقفين بدون مثقفين سينتج الشعب المقاوم أدباً مقاوماً إنما بشروط فنية أقل، و بأشكال لا تحوز الإعتراف.يرصد الكاتب أسامة العيسه أشكالاً من الأدب المقاوم المُنتج في هذه الظروف. يقول:

 

"وفي ظل غياب مثقفي الفصائل الفلسطينية، عن هذا الميدان، فإنه ترك للهواة من المتحمسين، أولاً للقضية الوطنية، وثانيا للفن والأدب. ويمكن تلمس ذلك من الكم الهائل من الأغاني التي كتبت باللهجة الفلسطينية، ووضعت لها ألحان بسيطة، لكنها شجية، توقف فيها أصحابها عند محطات مهمة في انتفاضة الأقصى، ووصل هذا النوع من الفن إلى التداول في الدول المجاورة مثل الأردن أو سورية.وهكذا وجدت أغان تمجد قادة المقاومة الميدانيين، الذين سقطوا شهداء، في معارك غير متكافئة، وكان كل منهم يعرف بأنه مثل سيزيف يحمل صخرته ويواصل المسير."ويتابع  الكاتب ظاهرة تحول المقاومين الميدانيين إلى كتاب لسيرهم الذاتية في السجون الاسرائيلية:"وإذا كان المثقفون أصحاب الأصوات المرتفعة في السابق، مبشرين بالاشتراكية والعدالة والتحرر، غيروا بوصلتهم بشكل حاد، فإن الأراضي الفلسطينية شهدت ما اعتبر ظاهرة جديدة، تتعلق بلجوء بعض المقاومين أنفسهم إلى كتابة سيرهم الذاتية، رغم عدم امتلاكهم لأدوات الكتابة الفنية، في حين أن الأمر في السابق كان لا يتورع عنه بعض الكتاب الذين تم تكريسهم بسبب كتابة سير مجموعات المقاومة مثل توفيق فياض، الذي اشتهر لروايته شبه التسجيلية لمجموعة مقاومة ضمت شباناً من عكا.هذه السير كتبها معتقلون داخل السجون الإسرائيلية، بعد أن صدرت بحقهم أحكام بالمؤبدات، وكثير منها كتبت لاهداف قد لا يكون الإبداع من ضمنها مثل، «أن تكون مرشدا للشبان الفلسطينيين، كي لا يقعوا فرائس سهلة لرجال المخابرات الإسرائيلية»، أو «التعلم من الأخطاء التي وقع فيها المقاومون»."وبالطبع فإن هذا الأدب لن يكتسب اعتراف المؤسسة الأدبية الرسمية التي يتنكب زعامتها أربيليون، أو ممولون من مؤسسات غربية، ويضرب الكاتب أسامة العيسه مثالأً على ذلك بحسين أبو رمانه الذي لا يرد ذكره كشاعر أبداً  "ورغم انه أصدر ديواناً شعرياً خلال فترة مطاردته، إلا انه لم يحظ باهتمام نقدي حتى ولو كان نسبيا. وهو أمر ليس له علاقة بالمستوى الإبداعي لشعره، ولكن لشيوع موجات أدبية أخرى في الأراضي الفلسطينية".وفي العراق ترصد صحيفة "ميامي هيرالد" أن موجة من الأغاني الجديدة انتشرت بقوة في العراق تدعو لمقاومة الاحتلال، ويشدو بها مطربون أطلق عليهم "مطربو المقاومة"، ويطالبون فيها العرب بالوحدة في وجه أمريكا، وتحمل مضمون العداء للغرب."وإذا كان أغلب هذه الأغاني لا يرقى إلى مستوى فني عالي إلا أنها اقتربت من مأساة شعبها فأبرز الفيديو الكليب المرافق، والمنتج بشروط فنية بسيطة،صور الدمار و قصف الطائرات. ودعت هذه الأغاني إلى التوحد ونبذ الفرقة  والطائفية، كما حرضت على مقاومة الغازي. وكذلك انتشر شكل فني جديد يحار المرء كيف يصنفه، فانتشار الهاتف النقال قدم وسيلة جديدة مهمة للتعبير عن الأفكار ولنقلها إلى الناس، فهذا الجهاز الصغير يعطيك فرصة التقاط مشاهد وصور من الحياة، وإنتاج مقاطع فيديو كما في المقطع الشهير الذي تم تداوله على البلوتوث ويُظهر وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس مع صور مجموعة من الزعماء العربية، وتم دمج هذه الصور مع أغنية نانسي عجرم "يلي بيسمع كلمة أمه شو منقول له". كما أن رسائل الـ sms صارت وسيلة  هامة وقد تم رصد كثير من هذه الرسائل التي يتداولها العراقيون منها هذه الرسالة التي تحض على التوحد ونبذ التفرقة، وهي عبارة عن محاورة بين أحد الذين جاءوا على ظهر الدبابات الامريكية وعراقي أصيل وتبين لعب الأول على اوتار الطائفية واصرار الأخير على وحدة العراق بكافة قومياته ومذاهبه. تقول المحاورة:

 

كلي (قل لي ) سني لو ( أو ) شيعي؟ كتله (قلت له) عراقي بصوت عالي

 

· كلي زين عربي لو كردي؟ كتله من الفاو لزاخوا بلادي

 

· كلي من عنوانك اعرفك؟ جاوبتة انباري وكوتاوي

 

صح بصراوي بس بالحلة وعماري واصلي مصلاوي

 

* كلي لعد من اولادك اشخصك؟ كتله ولدي عموري

 

وحسين وابوبكر وعلاوي.....

 

* كلي وين تصلي وهية اتبين؟ كتلة اصلي بالخلاني

 

واتوضئ بماي الكوفة ومن النعمان اسمع اذاني واول ركعة بموسى الكاظم وثاني ركعة بالكيلاني.....وبالطبع فإن مؤلفي هذه الرسائل و مقاطع الفيديو كليب مجهولون.ولا تقتصر المقاومة على هذه الأشكال الفنية البسيطة بل يتدرج الأمر صعوداً إلى أشكال أنضج وواضحة المعالم، فقد دخل الإنشاد الديني في العراق على خط المقاومة منذ انطلاقتها. في مقابلة مع صحيفة العرب القطرية بتاريخ2008-05-03  أجراها الكاتب إياد الدليمي مع المنشد ثائر البغدادي، الذي تحول صوته إلى رفيق للعمليات المصورة التي تبثها فصائل المقاومة. يشرح البغدادي  "أن هذه الأناشيد لعبت دورا هاما في شحذ الهمم واستنهاضها دفاعا عن البلاد "، يدعو البغدادي المنشدين للتغني بالمقاومة العراقية.كما يغص النت  بقصائد لشعراء شعبيين، ولشعراء يكتبون بالفصحى يرصدون معاناة شعبهم ويذكون روح المقاومة، لكن هذه القصائد وهؤلاء الشعراء محاصرون وممنوعون من الوصول إلى الجمهور الواسع، ولا يهتم بهم لا الصحف ولا النقاد لأنهم "قومجيين" أو "وطنجيين" و هم يقدمون "سردية كبيرة" في عصر موتها!أنتج ظهور وسيلة تعبير جديدة مشتقة من النت هي البلوغ blog أعداداً كبيرة من المدونين أشهرهم فتاة من بغداد حرصت على ابقاء اسمها الحقيقي مجهولاً و أطلقت على موقعها اسم منعطف النهر "Riverbend ".بدأت هذه الشابة التدوين باللغة الإنكليزية في الشهر الثامن من عام 2003، عام احتلال بغداد، واستمرت بذلك حتى عام 2007، حيث اضطرت هي و عائلتها إلى مغادرة بغداد إلى دمشق. استطاعت هذه الشابة نقل الحياة اليومية في بغداد المحتلة، كما نقلت نبض الناس بطريقة فنية راقية، فلم تغفل تفصيلاً من التفاصيل، الصغيرة أو الكبيرة، إلا وسجلته، من غياب الأمن، إلى تحكم المليشيات بحياة الناس، إلى فقدان المواد البسيطة، والعيش بدون كهرباء أو ماء. تقول عن فقدان الماء "الماء مثل السلام لا تدرك أهميته حتى تفقده..... استغنينا عن الديمقراطية،استغنينا عن السلام، وحتى عن الكهرباء، فقط أرجعوا الماء". وفي مكان آخر تتحدث عن التهديدات بحرمان الذين لا يصوتون  من البطاقة التموينية فتتساءل "ما هو نوع هذه الديمقراطية التي تجبر الناس على التصويت بينما هم لا يريدون ذلك". وفي مكان ثالث تقارن الكاتبة بسخرية بين وضع الأمريكان ووضع العراقيين " بعد 11/9 وبسبب بضعة أشخاص متعصبين. صار الأمريكان مصابين بكره الأجانب. إذاً لم يتوقع الأمريكان من العراقيين بعد كل ما حدث لهم بسبب الإحتلال أن يكونوا متسامحين وشاكرين؟" وتجيب ساخرة  "لأننا نأكل كمية أكبر من القمح في غذائنا".حازت ريفرباند على شهرة واسعة لكن في الأوساط الغربية المناهضة للحرب، فنُشرت يومياتها بثلاثة كتب بالإنجليزية، وجرى تحويلها إلى مسرحيات عرضتها المسارح العالمية، وقدّم لها عدد من أشهر نجوم السينما والأدب. وكان من المنطقي ان تترجم إلى اللغة العربية  بعد الشهرة الواسعة التي حازتها المؤلفة في الصحافة الغربية، لكن ذلك لم يحدث رغم أن دور النشر العربية تسارع لترجمة أي كتاب يحصل على شهرة في الغرب! فظل القراء العرب محرومين من هذه الوثيقة النادرة عن الحياة اليومية في بغداد تحت الإحتلال.

 

أدباء ضد الحرب لكن في معسكر العدو

 

تكتمل مفارقة غياب أدب المقاومة، والأدب المناهض للحرب  عند الكتاب والأدباء العرب (عدا أصوات يتم خنقها بالتجاهل والإهمال). تكتمل المفارقة إذا علمنا أن الصورة مختلفة في معسكر العدو. فقد أنتجت هوليوود عشرات الأفلام عن العراق، فرصدت التحولات التي جرت للجنود الأمريكان هناك، ففي فيلم "في واد لاه" نشاهد أن صناعة القتل التي تعلمها الجنود في العراق قد حملوها معهم إلى امريكا. نراهم يقتلون زميلهم بشكل وحشي لا مثيل له بدون سبب. كما رصد فيلم آخر مجزرة حديثة التي قامت بها القوات الأمريكية. ورغم أن هذا الرصد تم من وجهة نظر أمريكية تساوي بين المقاومة والإرهاب، وأقصى ما يصل إليه خطاب التعاطف الهوليوودي مع العراقيين هو أن يعتبرهم ضحايا صراع الأمريكان و"الإرهابيين". لكن إدانة الحرب تبقى واضحة في أغلب هذه الأفلام، كما أن هوليوود تُظهر العاهات النفسية و الجسدية التي عاد بها الجنود من ميادين القتال.وفي ميدان آخر من ميادين الإبداع رصدت السيدة هيفاء زنكنة في مقال لها بصحيفة القدس العربي 19 / 12 / 2009 " عشرون ألف قصيدة ضد الحرب والاحتلال ـ من يكتبها؟" نفس المفارقة وهي أن " القصائد التي نقرأها يوميا عن العراق ونرددها ونقف بجوار صاغتها في امسيات الاحتفاء بقوة الكلمة في وجه توسع هيمنة الامبريالية الامريكية، يكتبها شعراء اجانب. انهم يتابعون يوميات بلادنا فيكتبون بحرقة عن الموت البطيء لنساء واطفال ورجال لم يستنشقوا معهم هواء الوطن الواحد، ولا يعرفونهم الا من خلال انسانيتهم المعرضة للفقدان لانهم لم يستسلموا.....".وتذكر الكاتبة أن الشاعر الأمريكي سام هامبل أسس موقعاً اسمه "شعراء ضد الحرب" وهذا الموقع "يضم أكبر انطولوجيا شعرية في التاريخ حول موضوع واحد هو الحرب، ومؤلف موسوعة شعرية تضم ما يقارب ثلاثمئة قصيدة لشعراء أمريكيين مناهضين لسياسة البيت الأبيض في منطقة الشرق الأوسط ومستنكرين فكرة غزو العراق". يضم الموقع 20 ألف قصيدة ضد الحرب من "شعراء من جميع انحاء العالم يعلنون فيها غضبهم على غزو العراق وافغانستان، فلماذا يرحب بعض الشعراء العراقيين بغزاة حرقوا الكتب واللوحات ونهبوا الآثار؟ لماذا يبررون مسح التاريخ والهوية والذاكرة الجماعية بانها ' اخطاء' ويحيون قوات الغزو بانها 'هذه القوات البطلة' واصفين جنودها بانهم 'يتمتعون بشجاعة شخصية وهم يخوضون القتال في شوارع يجهلون مداخلها ومخارجها، وفي بيئة غريبة عليهم ولا يعرفون لغتها ' وجنودهم 'شهداء عراقيون'؟........... كيف يوقعون البيانات ويطلقون التصريحات لـ ' تقديم الشكر والامتنان لقوات التحالف على هذا الإنجاز الكبير'؟ وهل يشمل الشكر والامتنان قتل المليون شهيد؟...".وبينما يكتب الكتاب العرب عن الجندر و تمكين المرأة والجسد (صدرت مجلة في بيروت متخصصة في الجسد وعلومه جعلت شعاراً لها ثقب الباب، أي أنها تتلصص على غرف النوم من ثقب الباب)، فيستبدلون شعار "بالدم نكتب لفلسطين" بشعار "بالدولار نكتب للجندر". عندما يكتب الكتاب العرب عن المواضيع الهامشية (الايروتيكا، النبيذ، الجسد، الشاذين جنسياً)، ويبتعدون عن المواضيع المتفجرة (الاحتلال – المقاومة – الحصار – معاناة الناس...) تتفرغ الكاتبة اميرة هاس وجدعون ليفي من الخط الاخر للجبهة، من صحيفة " هآرتس " لهذه المواضيع  المتفجرة، فيكتبون عن المقاومين وينقلون سيرهم ويدخلون المخيمات ويرصدون معاناة الناس والإحتلال والدمار. تكتب أميرة هاس نصاً طويلاً عن غزة بعد الحرب الوحشية التي شنها الكيان الصهيوني، فتنقل أراء بسطاء الناس وأمانيهم "خوف وسخرية في غزة". يقول الكاتب العيسه" وان كان ما يكتبانه عن واقع ثري بالحكايات، لا يمكن تسميته أدبا بالمعنى المتعارف إليه، وبالتأكيد لا يندرج أبداً تحت مصطلح «أدب المقاومة»، وانما ضمن القصص الصحافية، إلا انه حقق الشهرة لهما، ويتم ترجمة كتبهما بانتظام إلى اللغات الأجنبية، ويحلان ضيوفا على عواصم عالمية لتوقيع كتبهما عن الفلسطينيين. "بالطبع ستتحول أميرة هاس و جدعون ليفي وسام هامبل إلى أصوات للشعب العراقي والفلسطيني في الغرب إذا كان المبدعون العرب إما ممجدين للمحتل لاعقين لأحذية المارينز، أو متواطئين مع الاحتلال بارتكاب جريمة الصمت، أو بجريمة الحديث عن "جمال الفجر الذي يتلو المذبحة" كما يقول بريخت، وبالتالي فهم إما "مشغولون بضرب المزاهر عن قرع الحوافر"، أو هم من المارينز الثقافي. فقد رصدت الأخبار ظاهرة الصحفي المرافق "embedded"، الذي ينام مع المارينز الامريكي في فراش واحد ويتناول  معه الطعام ويرافقه بالمدرعة فيرى العالم من خلال فتحاتها، فحين يكون المارينز المقاتل يصوب رشاشه تجاه الشارع العراقي من خلال إحدى فتحات برج الدبابة يكون الصحفي المرافق يصوب قلمه. هذا حال المارينز الأدبي العربي.

 

هوامش:

 

1- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. تعبئة وتعميم الشر: كلاب بشتآشان!- سلام عبود

 

http://www.saadiyousif.com/home/index.php?option=com_content&task=view&id=697&Itemid=27

 

2- النهلستي الأخير! دفاع مع سبق الإصرار عن سعدي يوسف، دفاع عن ذاكرة الوطن – سلام عبود

 

http://www.saadiyousif.com/home/index.php?option=com_content&task=view&id=690&Itemid=27

 Click Here to Search This Site

Search for
Get a Free Search Engine for Your Web Site

 

في أجواء إقليمية بحتة تيسير نظمي حصل على أحد عشر صوتا فقط في رابطة كتاب الأردن

 

مدريد – حركة إبداع

 

قالت الشاعرة الإسبانية خوسيفا في أول تعليق لها على ما تتعرض له حركة إبداع في الشرق الأوسط أن زميلها تيسير نظمي قد شارك في انتخابات رابطة الكتاب في الأردن بقصد إبراز مدى العنصرية في التعامل مع المثقف المبدع ليس على أساس من ماضيه وكتبه ومواقفه بقدر النظر إلى أصوله العرقية ولذلك فقد حصل تيسير نظمي على أحد عشر صوتا فقط من أصل 700 عضو ممن يفترض بهم أنهم زملاءه وتلاميذه من 430 مشارك في التصويت وأن الكتل الثلاث المتصارعة على كعكة الحكومة كانت مختلفة في كل شيء ولكنها متفقة على محاربته وكأنه " العدو الصهيوني" المحتل بسبب من مجاهرته بفلسطينيته التي لا تقبل المساومة والنقاش.

 

وأضافت الشاعرة التي تحظى بمكانة خاصة لدى واحد من أبرز النقاد العرب أن تيسير نظمي حرمته الأردن والرابطة تحديدا من المشاركة في مؤتمر " روح المقاومة في الأدب" في مدينة غوين الفرنسية قبل سنتين كما حرمته من قول رأيه فيها وشنت عليه حصارا خانقا بسبب من شجاعته السياسية وليبراليته المبنية على أسس أصيلة من الفهم للعملية الديمقراطية في الشرق الأوسط. وأعربت الشاعرة الأبرز في حركة الشعر الحديث في إسبانيا وأوروبا بشكل عام عن أهمية ما وصلها من نتاج نظمي الإبداعي وأنها توقفت عن المباشرة بترجمة بعض أعماله إلى الإسبانية بطلب شخصي منه على عكس كثير من المتهافتين العرب الذين يسيل لعابهم على الشهرة والعالمية دون أن يكونوا جديرين بها. كما شكرت خوسيفا المترجم خالد الريسوني الذي ترجم بعض أشعارها إلى اللغة العربية وشكرت تيسير نظمي الذي يقوم حاليا بعملية إعادة نشر إلكتروني لنتاجها على مواقع حركة إبداع المختصة بالشعر والأدب والفنون على مختلف أشكالها. وحول موقف بقية فروع الحركة من تعليق عضوية الأردن وفلسطين الذي اتخذته حركة إبداع في منتصف آذار الماضي قالت عضو الهيئة العليا للحركة أنها متباينة ولكنها تحتكم لرأي الفلسطينيين أنفسهم ، ودللت على ذلك بأن أبرز الكتاب الأردنيين من أصل فلسطيني استنكفوا عن عملية الإقتراع مثل الروائي رشاد أبو شاور والروائي الملتبس إبراهيم نصر الله والشاعر زهير أبو شايب الذين التزموا بالموقف المبدئي للحركة رغم مشاركة نظمي التكتيكية في الترشيح والانتخاب وأضافت أن الفروع الغربية ليس لها موقف سلبي من الأردن أو فلسطين لكنها لا تستسيغ هيمنة السياسي على الثقافي وهيمنة الحكومة على النقابي وصعود التيارات الإقليمية إلى رأس هرم الرابطة بأغطية يسارية تدعي المقاومة وهي لا تقاوم ذبابة من حولها بقدر مقاومتها لكل عمل خلاق يهدف للتغيير والتقدم.

 

أما المسرحية أدلهايد روزن فقد قالت بسخرية من أمستردام أن تيسير نظمي لا يتحدث العربية ولذلك رسب في انتخابات من لا يجيدون اللغات الأجنبية وأنه كاتب خطر يجب معاقبته في حين التزمت منظمة دولية تعنى بالنقد الأدبي الصمت احتراما للطريقة التي يعالج بها نظمي مأساته الفلسطينية والعربية معتبرة أن القرار أولا وأخيرا قراره بالبقاء في الوطن العربي مقاوما شرسا للتخلف والعنصرية وأن ذلك يسعدها ويشرفها كما أن الأبواب الفرنسية وغيرها مفتوحة له عندما يقرر. الشاعرة الإيطالية لويجيا سورنتينو قالت أن إيطاليا زارها نظمي عدة مرات وأنها على الدوام ترحب به ضيفا غاليا وحضاريا لا يجب أن يتردد في الانضمام إلى شقيقه الذي يحظى قريبا بالجنسية الإيطالية ويعمل في مجال الطب مثله مثل أي طبيب إيطالي وأنها تأسف كيف يعامل العرب مثقفيهم وكتابهم وفنانيهم بهذه الطريقة البشعة التي تتعارض مع حقوق الإنسان.

 

وفي رام الله قال الكاتب الفلسطيني زياد خداش أن تيسير نظمي فلسطيني من العيار الثقيل لا يستطيع غير التصادم مع سلطة رام الله في حين أثبت أنه يستطيع التعايش مع السلطات الأردنية إن هو كف عن رفع سقف الحريات في الأردن ونشر ما لا يودون نشره  وتعميمه في الوسط الثقافي ( الأردني) وقال خداش أن الصراع بين هويتين الإسرائلية والفلسطينة مفهوم ومشروع أما الصراع بين هويتين عربيتين فهذا ما لا يستطيع فهمه أو استيعابه واختتم ناقد عراقي التعليقات بنكتة سوداء عندما قال : شكرا للأردنيين أنهم انتخبوا ولو بعشرة أصوات فقط عراقيا رشح نفسه بين صفوفهم.

 

www.nazmi.org

 

www.nazmi.us

 

www.nazmis.com

 

 Search this site إبحث في هذا الموقع

powered by
Soholaunch website builder
 

©2012 Originality Movement / Tayseer Nazmi